آخر التحديثاتأبرز العناوينمقال الرأي

كيف يقرأ عرب شمال شرق سوريا الدور الأمريكي: فرصة لشراكة جديدة

الاستماع للمقال صوتياً

سوريا – مقال الرأي

بقلم علاء إبراهيم

في شمال شرق سوريا، حيث تمتزج الحياة اليومية بتحديات الماضي وآفاق المستقبل، يعيش العرب تجربة فريدة تتشكل جزئيًا بقرارات صادرة من واشنطن. هذه المنطقة، التي غالبًا ما تُختصر في التقارير الأمريكية إلى نقاط استراتيجية وإحداثيات عسكرية، تحمل في طياتها إمكانات أعمق مما يظهر على السطح. هنا، يمكن للسياسة الأمريكية أن تجد أرضية جديدة للتأثير، ليس فقط من خلال القوة، بل عبر شراكة تعزز الاستقرار وتخدم المصالح المشتركة.

مع وصول القوات الأمريكية إلى شمال شرق سوريا، شهدت المنطقة انحسار تهديد داعش، وهو ما أعاد بعض الهدوء إلى قرى الرقة ودير الزور والقامشلي والحسكة. هذا الدور لم يكن مجرد تدخل عسكري، بل بذرة أمل في استقرار طال انتظاره. السكان العرب هنا لا يرون في الوجود الأمريكي حلاً مؤقتًا فحسب، بل فرصة لبناء شراكة تتجاوز الأمن إلى دعم الحياة المدنية. لكن هذا الأمل يظل معلقًا، في انتظار خطوات ملموسة تحول النوايا إلى واقع يعكس احتياجات المنطقة وتطلعاتها.

شمال شرق سوريا ليست مجرد مساحة جغرافية متأثرة بالصراع، بل منصة محتملة لاختبار سياسات مبتكرة. بفضل تنوعها الاجتماعي والثقافي، تقدم المنطقة نموذجًا للتعايش يمكن أن يعكس القيم التي تدعو إليها الولايات المتحدة عالميًا. الاستثمار في مشاريع اقتصادية – مثل تعزيز الإنتاج الزراعي أو فتح قنوات تجارية مع الجوار – يمكن أن يحول هذه الأرض إلى مركز استقرار. هذا النهج لا يقتصر على الحلول المحلية، بل يشكل أداة لتعزيز النفوذ الأمريكي في مواجهة التحديات الإقليمية.

الكتابة عن شمال شرق سوريا من داخلها تضيف بُعدًا لا يمكن للتقارير الخارجية محاكاته. العيش بين السكان المحليين، والتفاعل مع ديناميكيات المنطقة يوميًا، يتيح تقديم تحليل يتجاوز السطح إلى جوهر الاحتياجات والإمكانات. هذا المنظور المحلي يمكن أن يكون نافذة لواشنطن لفهم السياق بعمق، مما يساعد في صياغة سياسات أكثر دقة وتأثيرًا.

أحد الجوانب الجوهرية لهذا التحليل هو العلاقة بين الاستقرار المادي للعرب في شمال شرق سوريا والأمن الإقليمي. توفير الدعم الاقتصادي – سواء عبر إحياء الزراعة أو تمكين التجارة او الافضل دعم حزب جديد خاص بالعرب والمسيحيين في المنطقة يكون قويا ماليا هو من ينشأ المشروعات لتشغيل السكان– لا يقتصر على تحسين الحياة اليومية، بل يشكل حاجزًا ضد التطرف الديني. الشباب الذين يجدون فرص عمل لن ينجذبوا إلى الشعارات المتطرفة، والمجتمعات التي تكتسب الاكتفاء الذاتي لن تحتاج إلى الاعتماد على دعم قوة تعادي اميركا . 

هذا الاستقرار يوفر للولايات المتحدة شريكًا محليًا قويًا، قادرًا على الحد من الفراغات التي تستغلها القوى المعادية.

تبني سياسة تركز على الاستقرار الاقتصادي والاجتماعي في شمال شرق سوريا يمنح الولايات المتحدة ميزة استراتيجية مضاعفة. أولاً، يحول المنطقة إلى نموذج ناجح يعزز صورتها كقوة بنّاءة، لا مجرد عسكرية. ثانيًا، يقدم حلاً مستدامًا يقلل من الحاجة إلى التدخلات المكلفة مستقبلًا. هذا النهج يعكس فهمًا عميقًا للسياق المحلي، مستمدًا من أصوات تعيش الواقع، ويضع أمريكا في صدارة بناء منطقة مستقرة تخدم مصالحها طويلة الأمد.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى