بتوقيت ترامب!
الاستماع للمقال صوتياً
|
نيويورك – WHIA
بقلم رولا القط
منذ بداية حملته الانتخابية، ركّز الرئيس الأميركي دونالد ترامب بشكل مباشر على قضايا السياسة الخارجية، واضعًا الشرق الأوسط على رأس أولوياته على خلاف الرؤساء السابقين.
وعد ترامب خلال حملته بإنهاء الحروب التي طال أمدها، لكن تصريحاته بعد فوزه أثارت جدلاً واسعًا، حيث قال إن “أبواب الجحيم ستفتح في الشرق الأوسط” إذا لم يتم الإفراج عن الرهائن ووقف إطلاق النار في غزة.
استهدف في تصريحاته حركة حماس بشكل مباشر، إلا أنه تجاوز ذلك ليوسع دائرة تهديداته لتشمل أطرافًا أخرى، مما يعكس رؤية تصعيدية تجاه الأزمات في المنطقة. كان لهذا الموقف الحاسم دور كبير في التوصل إلى اتفاق وقف إطلاق النار في غزة، وهو ما عجزت إدارة بايدن عن تحقيقه رغم جهود استمرت عامًا. تدخل ترامب شخصيًا، وضغط على رئيس الوزراء الإسرائيلي نتنياهو الذي كان يعترض على تفاصيل الاتفاق، وأرسل مبعوثه الخاص، ستيف وتكوف، لحسم المفاوضات بلقاء مباشر مع نتنياهو.
أما بعد الاتفاق، فالتحديات ستزداد تعقيدًا. إذ ستبرز أسئلة حول إدارة قطاع غزة، ومستقبل حركة حماس، والتداعيات الأوسع على موازين القوى الإقليمية، خاصة فيما يتعلق بإيران. ملف إيران ينقسم إلى شقين رئيسيين: الأول هو برنامجها النووي، الذي أكد ترامب أنه لن يسمح بتجاوزه، متفقًا مع نتنياهو على خطة تدخل تشمل خيارات عسكرية إذا اقتربت إيران من امتلاك سلاح نووي. الشق الثاني هو نفوذ طهران الإقليمي، الذي تلقى ضربات كبيرة بعد حرب إسرائيل مع حزب الله وسقوط نظام الأسد.
ومن المتوقع أن يعود ترامب بسياسة “الضغط الأقصى” بنسخة أشد صرامة، ما يعني أن العراق واليمن سيكونان ساحات رئيسية لاختبار تلك الضغوط. مضافا إلى ذلك، فان الوضع في العراق يظل محفوفًا بالمخاطر إذا لم تُقدَّم ضمانات واضحة، أو تُحلّ مشكلة الفصائل المسلحة المنضوية تحت مظلة الحشد الشعبي التي قد تُشكل تهديدًا على أمن المنطقة، خاصة مع تصاعد القلق بشأن أمن إسرائيل. ينبغي على العراق الابتعاد عن النهج الإيراني، وفك الارتباط بين الطرفين، بالإضافة إلى العمل على وقف نزيف الدولار ومنع عمليات التهريب التي تتم عبر الحدود مع إيران.
وفي اليمن، سيرث ترامب حربًا ناقصة تركتها إدارة بايدن ضد الحوثيين، وقد كانت الخطوة الاولى ان وقّع ترامب امراً تنفيذيا من أعاد من خلاله ادراج جماعة الحوثي إلى قائمة الإرهاب و بذلك فان ترامب بدأ بتغيير ملامح استراتيجيته السياسية و العسكرية تجاههم لتحقيق نتائج أكثر فعالية.
أما في لبنان، فسيسعى لتعزيز التغيير السياسي الذي أتى بجوزيف عون رئيسًا للجمهورية ونواف سلام رئيسًا للوزراء، وهو ما يتعارض مع مصالح حزب الله. أما ما يحدث سوريا، فقد تغيّر المشهد قبيل عودة ترامب إلى البيت الأبيض.
الإدارة السورية الجديدة تسعى لعلاقات متوازنة مع الجميع، وتركيا تلعب دورًا محوريًا قد يدفع ترامب للتفاهم معها. وستكون قراراته بشأن القوات الأميركية في سوريا والعراق مرتبطة بشكل وثيق بموقفه من إيران وتركيا. علاقات ترامب مع حلفاء أميركا التقليديين في المنطقة، مثل السعودية والإمارات ومصر، ستشهد تعزيزًا كبيرًا، مع تركيزه على المصالح الأمنية والاقتصادية، وتجنب القضايا المتعلقة بحقوق الإنسان.
أما السودان، فقد يصبح ملفًا أكثر أهمية بسبب دوره في اتفاقات التطبيع التي يفاخر بها ترامب ويريد توسيعها. التطبيع مع السعودية سيكون إنجازًا دبلوماسيًا ضخمًا إذا تحقق، لكنه يتطلب تنازلات كبيرة، منها برنامج نووي سعودي وضمانات بقيام دولة فلسطينية. اقتصاديًا، سيواصل ترامب السعي لتعزيز نفوذ أميركا في المنطقة، منافسًا الصين بتركيز على الشراكات الاستراتيجية مع دول الخليج.
هذا وفي صعيد متصل فقد اجرى ترامب اول اتصال هاتفي خارجي منذ توليه السلطة، حيث اتصل بولي العهد السعودي، اكد الطرفان خلال الاتصال على مدى متانة العلاقات و الروابط بين البلدين و وعد ولي العهد السعودي باستثمارات تتجاوز قيمتها ٦٠٠ مليار دولار خلال الأربع سنوات المقبلة بهذا، يعيد ترامب صياغة دوره في الشرق الأوسط، مستخدمًا أسلوبه المعروف بالضغط المباشر لتحقيق أهدافه.