لماذا ترغب أميركا في رفع هيئة تحرير الشام من لوائح الإرهاب؟
الاستماع للمقال صوتياً
|
مقال الرأي – بوابة سوريا
الكاتب: أيوب نصر*/ المغرب
مذ اليوم الأول لدخول قوات المعارضة السورية إلى دمشق، وسقوط النظام فيها وفرار الأسد إلى روسيا، أبانت الولايات المتحدة الأمريكية عن رغبتها في رفع هيئة تحرير الشام، وقائدها أحمد الشرع، من لائحة الإرهاب.
وقد جعلت هذه الرغبة، التي أبانت عنها الولايات المتحدة، كثيرا من الناس يستغربون ويتساءلون عن السبب الذي يحمل الولايات المتحدة على رفع منظمة، تعتبرها إلى حدود الأمس القريب إرهابية، من لوائح الإرهاب، وما العلة التي عرضت لها ودفعتها إلى أخذ هذا القرار.
مع الشرارة الأولى للحرب الروسية الأوكرانية (الغربية)، أو العملية العسكرية الخاصة، كما يحب الروس تسميتها، كانت لدي قناعة تكونت في ذهني بعد نظر، وقناعتي هذه أدرت عليها كل ما خطه قلمي حول هذه الأزمة وهذا الصراع، وهذه القناعة باختصار تقوم على أساس أن هذه الحرب لن تصل إلى طاولة المفاوضات عبر النتائج العسكرية وما تنتهي إليه العمليات القتالية، بل عبر التوسع، أي قدرة كل طرف على التوسع في مناطق بعينها في العالم وكسب تحالفات وبناء العلاقات، وهذه المناطق هي المنطقة العربية والقارة الإفريقية، وأن من يملك من طرفي النزاع استمالة الدول العريية والإفريقية إلى صفه، هو من سينتصر في هذه الحرب ويملي شروطه في المفاوضات.
وسوريا ليست بدعا ولا استثناء، فهي دولة عربية ولها مكان حيوي وموقع استراتيجي مهم، ومنها يمكن العبور إلى البحر الأبيض المتوسط وإفريقيا، وميولها لهذا الطرف أو ذاك يعتبر أمرا حاسما في الصراع الروسي الغربي، ولهذا فمع مغادرة السفينة الروسية المحملة بالحبوب للسواحل السورية وإتجاهها نحو ميناء الإسكندرية، بدعوى التخوف من عدم السداد، حتى بادر الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي إلى إصدار أوامر لإنشاء آليات لتوريد الغذاء إلى سوريا، كما قالت وزارة الخارجية الفرنسية إنها سترسل فريقا من الدبلوماسيين إلى سوريا يوم الثلاثاء لتقييم الوضع السياسي والأمني، وفي هذا إعتراف بالحكام الجدد لسوريا.
لهذا فإظهار الولايات المتحدة الأمريكية لرغبتها والكشف عن نيتها رفع هيئة تحرير الشام، وقائدها أحمد الشرع، من قوائم الإرهاب، له ما يفسره، وهو بداية الصراع على سوريا، والاكيد أنه سيكون على حساب طرد السوريين للروس من قاعدتي حميميم الجوية وطرطوس البحرية، مما يضعف تواجد الروس ليس فقط في منكقة الشرق الأوسط بل حتى في شمال إفريقيا (الامتداد العربي) ودول الساحل والصحراء.
فهل يستجيب السوريون لهذه المطالب أم يذهبون إلى خلق توازن بين الطرفين؟ هذا ما ستجيبنا عنه الأيام القادمة، وهذا ما سيحدد ملامح كثيرة من نيات الحكام الجدد لسوريا وتوجهاتهم>
*كاتب وباحث مهتم بالشأن الأوراسي والعلاقات الدولية