العلاقات الصينية-الأفغانية تعزيز الاستقرار أم تعميق التوترات الجيوسياسية؟
الاستماع للمقال صوتياً
|
لوس أنجلوس – أوراق استراتيجية
الدكتور عبيدالله برهاني
تعود العلاقات بين جمهورية الصين الشعبية وأفغانستان إلى عام 1762، عندما بادر أحمد شاه ابدالي مؤسس أفغانستان المعاصرة لتعزيز التبادل التجاري عبر طريق الحرير. ومع انسحاب القوات الأمريكية من أفغانستان، كثفت الصين جهودها لتعزيز حضورها السياسي والاقتصادي في البلاد، لأسباب استراتيجية تتعلق بضمان ممر طريق الحرير الجديد وحماية مصالحها الاقتصادية في المنطقة. كما ركزت بكين على الاستثمارات في قطاعات البنية التحتية والطاقة لتعزيز نفوذها الإقليمي. وتلعب التطورات في العالم العربي دوراً في صياغة هذه العلاقات، إذ تسعى الصين إلى تحقيق توازن بين نفوذها في العالم العربي وتأثيرها المتزايد في آسيا الوسطى من بوابة أفغانستان.
تستند العلاقات الصينية-الأفغانية إلى تاريخ مشترك، وتعد محوراً أساسياً في المشهد الجيوسياسي والجيو-اقتصادي لمنطقة آسيا الوسطى والشرق الأوسط. فالصين، كقوة عالمية صاعدة، تسعى إلى إقامة علاقات وثيقة مع دول محورية مثل أفغانستان لتعزيز الاستقرار الإقليمي، لا سيما في إطار مبادرة “الحزام والطريق”. يُعتبر استقرار أفغانستان عنصراً أساسياً لأمن الحدود الصينية، خاصة في منطقة شينجيانغ
منذ انسحاب القوات الأمريكية في عام 2021، سعت الصين إلى تعزيز دورها كقوة استقرار في أفغانستان، خشية تصاعد التهديدات الإرهابية التي قد تؤثر على أمنها القومي. ولذلك، عززت بكين تعاونها مع حكومة طالبان، بما في ذلك تقديم الدعم الاقتصادي والمساعدات الإنسانية لتعزيز الاستقرار في البلاد
الجوانب الجيو-اقتصادية للعلاقات الصينية-الأفغانية
تتمثل العلاقات الصينية-الأفغانية في بُعد جيو-اقتصادي مهم، حيث تُعد أفغانستان جزءاً من مبادرة “الحزام والطريق”، التي تهدف إلى تعزيز الروابط التجارية بين آسيا وأوروبا من خلال مشاريع بنية تحتية كبيرة. يقع موقع أفغانستان الاستراتيجي بين آسيا الوسطى وجنوب آسيا، ما يعزز من قدرة الصين على تعزيز التجارة الإقليمية.
علاوة على ذلك، تدرك الصين أن أفغانستان غنية بالموارد الطبيعية مثل المعادن النادرة والنفط والغاز، وهي عناصر حيوية لصناعاتها. لذلك، تستثمر الصين في مشاريع بنية تحتية أفغانية مثل الطرق والمطارات لتسهيل حركة السلع وتعزيز الاقتصاد المحلي، رغم التحديات الأمنية، مما يظهر استعداد الصين لتحمل المخاطر من أجل تحقيق مكاسب اقتصادية طويلة الأمد
تأثير الأوضاع الراهنة في المنطقة العربية
العلاقات الصينية-الأفغانية مرتبطة بالتطورات في المنطقة العربية، خاصة مع الدور الجيوسياسي والاقتصادي المهم للدول الخليجية، التي تُعد شركاء استراتيجيين للصين في الطاقة والاستثمار. تسعى الصين للحفاظ على توازن علاقاتها مع الدول العربية وأفغانستان لتجنب الانخراط في النزاعات الإقليمية
بالرغم من أن أفغانستان ليست جزءاً من العالم العربي، تدرك الصين أن استقرار المنطقتين مرتبط، حيث تؤثر التوترات الإقليمية على العلاقات الاقتصادية معها لذا تعمل الصين على تطوير علاقات متوازنة مع الخليج وآسيا الوسطى
التحديات والفرص في العلاقات الصينية-الأفغانية
تتطور العلاقات بين الصين وأفغانستان بشكل ملحوظ، مما يفتح فرصاً للتعاون بين البلدين. لكن، تواجه هذه العلاقات تحديات كبيرة بسبب الأوضاع الأمنية والسياسية الراهنة في المنطقة. رغم ذلك، تسعى الصين لتعزيز روابطها مع أفغانستان، مما يعكس التزاماً استراتيجياً نحو تعزيز دورها الاقتصادي والسياسي في المنطقة
الانتقادات الدولية
تواجه الصين ضغوطاً دولية بشأن تعزيز علاقاتها مع طالبان رغم قبولها السفير الأفغاني، فإن الاعتراف الرسمي بالحكومة لم يُحسم بعد بسبب انتقادات المجتمع الدولي لسياسات طالبان في حقوق الإنسان، خاصة تجاه النساء والأقليات. كما أن سياسة الصين التقليدية ترفض الاعتراف بالحكومات التي تصل للسلطة بالقوة، مما يشكل عقبة أمام الاعتراف الرسمي. هذه الضغوط، خصوصاً من الدول الغربية، تجعل من الصعب على الصين تعزيز علاقاتها الرسمية مع طالبان
التوسع الصيني في أفغانستان وآسيا الوسطى
التوسع الصيني في المنطقة يثير قلق الولايات المتحدة والدول الغربية. تسعى الصين لتعزيز نفوذها من خلال مشاريع اقتصادية ضخمة مثل “الحزام والطريق “، وغيرها التي تهدف إلى ربط الصين بالأسواق العالمية وتعزيز العلاقات مع الدول المجاورة، بما في ذلك أفغانستان. هذا التوسع يعكس تراجع النفوذ الأمريكي بعد انسحاب القوات الأمريكية من أفغانستان، مما يثير مخاوف من تحولات جيوسياسية قد تضعف دور الولايات المتحدة في المنطقة
استراتيجيات مواجهة النفوذ الصيني والروسي
لمواجهة هذا التوسع الصيني والروسي، تسعى الولايات المتحدة والدول الغربية إلى اتخاذ استراتيجيات متعددة
أولاً: تركيز على تعزيز الشراكات الإقليمية مع دول الجوار مثل الهند وباكستان وطاجيكستان، لضمان استقرار المنطقة والتصدي للنفوذ الصيني.
ثانيا: تقديم الدعم العسكري والاقتصادي للدول المجاورة مثل أفغانستان لتعزيز أمنها الداخلي ومكافحة الإرهاب
ثالثا: تقديم المساعدات الإنسانية والتنموية لتحسين الظروف الاقتصادية في أفغانستان، مما يسهم في تعزيز الاستقرار الداخلي
رابعا: ستسعى واشنطن إلى ممارسة دبلوماسية نشطة للضغط على الصين وروسيا لاحترام القانون الدولي وحقوق الإنسان، في محاولة للحد من النفوذ المتزايد للدولتين في المنطقة
خاتمة
العلاقات الصينية-الأفغانية تعكس واقعاً معقداً من التحديات والفرص. ورغم المخاوف الأمنية والضغوط الدولية، تسعى الصين إلى تعزيز استثماراتها وحضورها في أفغانستان، مدفوعة بمصالحها الاقتصادية والاستراتيجية. في المقابل، تسعى الولايات المتحدة والدول الغربية إلى مواجهة هذا النفوذ عبر تعزيز الشراكات الإقليمية والضغط على الصين وروسيا لضمان استقرار المنطقة واحترام حقوق الإنسان. في النهاية، سيتعين على الأطراف كافة العمل بشكل استراتيجي لتحقيق توازن بين مصالحها المتضاربة وضمان مستقبل مستقر ومزدهر لأفغانستان والمنطقة بأسرها.
As usual an excellent assessment by Dear Dr Obaidullah Burhani, China’s involvement in Afghanistan goes beyond its immediate borders as you have mentioned in your assessment, extending its influence into Europe as well. In recent years, China has invested heavily in Afghanistan, particularly in the Baluchistan region which I think needs to take note of, where the development of the Gwadar port has become a critical piece of China’s broader economic and geopolitical strategy. The Gwadar project, which involves billions of dollars of investment, is a key part of the Belt and Road Initiative (BRI), linking China to the Middle East and Europe.
The development of Gwadar serves as a major strategic asset for China, providing a new trade route that bypasses traditional maritime checkpoints like the Strait of Malacca. This project also strengthens China’s presence in the Arabian Sea and South Asia, making it a crucial part of Beijing’s broader geopolitical ambitions. The Gwadar corridor offers an alternate access point to Europe and further embeds China’s influence across Central Asia.
While China’s economic investments are a significant driver, its engagement in Afghanistan also has political dimensions. China is not only seeking to secure its economic interests but also to manage regional stability, particularly with Afghanistan’s proximity to China’s Xinjiang province as you rightly pointed. Political stability in Afghanistan is crucial for China to protect its investments and prevent the spread of extremism that could affect its own internal security.
as always I enjoy and love to read your work. keep it up