الثقل السعودي والنفوذ الأميركي.. مصالح مشتركة ومواقف مختلفة
الاستماع للمقال صوتياً
|
ميشيغان – مقال الرأي
بقلم رفعت الزبيدي
مهم جداً وأنا أخوض في موضوع يختص في دولة حليفة بالنسبة لي وجارة شقيقة لوطني الأم (العراق)، وأعني بها المملكة العربية السعودية، وكمعارض سياسي مقيم في الولايات المتحدة، أن أضع مقدمة لمفهوم الدولة الاستراتيجية:
ففي علم السياسة نقرأ أن مفهوم الدولة الاستراتيجية يشير إلى الدولة التي تلعب دورًا محوريًا أو مؤثرًا على المستوى الإقليمي أو العالمي من خلال سياسات معينة تستهدف تحقيق مصالحها طويلة الأمد على الصعيدين الداخلي والخارجي. هذه الدولة تمتلك قدرات وإمكانات، سواء عسكرية أو اقتصادية أو جيوسياسية، تمكنها من تنفيذ سياسات استراتيجية تؤثر على الساحة الدولية.
من هذا المنطلق فالمملكة العربية السعودية تعتبر دولة استراتيجية بامتياز بفضل موقعها الجغرافي، دورها في سوق النفط العالمي، تحالفاتها الإقليمية والدولية، وقوتها العسكرية. علاوة على ذلك، مشاريعها المستقبلية ورؤيتها الاقتصادية تجعلها لاعبًا أساسيًا في صياغة السياسات العالمية، خاصة في مجالات الطاقة، الاقتصاد، والأمن.
هناك نقطتان مهمتان تتعلق بما أشرت اليه يعطي للموضوع إشارات مهمة أن تاريخ القيادة الحاكمة للمملكة والتي تمتد الى أكثر من ثلاثة قرون من الزمن وحكمة المواقف عند أحداث مدوية عصفت بدول الشرق الأوسط رجّح كفتها في مفهوم الدولة الاستراتيجية لتتفوّق على خصم وقح وعلى أقل تقدير منذ العام 1979 وأعني به النظام الايراني الذي بسبب سياسات ملالي إيران أبعد دولتهم من الدولة الاستراتيجية بحيث أصبحت عبئاً على المصالح الدولية والسلام الاقليمي والدولي أيضا.
ولأن من المقومات المهمة لموضوع الدولة الاستراتيجية هو المساهمة في تحقيق الأمن الاقليمي وتأمين مصالح دولية مشتركة، فهذا ماتعمل عليه القيادة السعودية من خلال مبادرات كثيرة.
لو عدنا الى تاريخ الحرب الأهلية اللبنانية سنجد مؤتمر الطائف 1989 الذي كانت مقرراته تخدم مفهوم الدولة اللبنانية ويضع حداً للمليشيات المقوّضة للأمن والسلمي الأهلي اللبناني. وذكر مؤتمر الطائف يتزامن مع الأحداث الدموية الجارية ضد لبنان بسبب الهيمنة الإيرانية من خلال حزب الله اللبناني.القضية الفلسطينية والمبادرات السعودية المستمرة منذ الاحتلال الاسرائيلي ونكبة العام 1948 وإلى يومنا هذا، نجد مصداقية الدولة الاستراتيجية السعودية واضحة، وآخرها إعلان وزير الخارجية السعودي الأمير فيصل بن فرحان الخميس من هذا الأسبوع عن إطلاق تحالف دولي من أجل إقامة الدولة الفلسطينية وتنفيذ حل الدولتين.
جاء ذلك خلال اجتماع وزاري في نيويورك بعنوان “الوضع في غزة وتنفيذ حل الدولتين كطريق إلى سلام عادل وشامل” وأعلن الوزير السعودي نصاً “باسم الدول العربية والإسلامية وشركائنا الأوروبيين نُعلن إطلاق التحالف الدولي لتنفيذ حل الدولتين، ويطيب لي أن أدعوكم لحضور أول اجتماع في السعودية للإسهام في تحقيق السلام”.
والسؤال هنا: هل تستطيع المملكة العربية السعودية تحقيق ماعجزت عنه لغة الحروب بخصوص إقامة الدولة الفلسطينية في ظل التعنت والغطرسة الإسرائيلية ونفوذ اللوبي الصهيوني في الولايات المتحدة؟
أقول ووفق رؤيتي الشخصية لانقسام المواقف واختلاف المصالح تستطيع السعودية تحقيق طموح الفلسطينيين والشعوب المحبة للسلام من خلال ثقلها ونفوذ الولايات المتحدة التي باتت دعوات أصحاب القرار في البيت الأبيض يؤكدون أنه لا حل إلا بحل الدولتين لضمان السلام العادل للجميع، والشعب الإسرائيلي اليوم بأمس الحاجة للعيش باستقرار، فلم تعد تنفع سياسة اليمين المتطرف وهي جزء من الذرائع للجماعات الاسلامية المتطرفة مثل حماس والجهاد وحزب الله اللبناني وبقية المليشيات في العراق، سوريا واليمن.
الأمن الاقليمي جزء من الأرض مقابل السلام. ماذا عن الخصم المشاكس والسيء السمعة إيران؟ هل هي جزء من المعادلة؟ أعتقد في ظل سياسة الحزب الديمقراطي وإدارتهم للبيت الأبيض الأمور تحتاج إلى مزيد من الضغط من المملكة العربية السعودية وحلفائها.
يجب وضع حد لسياسة التماهي مع إيران وأذرعها في المنطقة وجلب النظام الايراني الى بيت الطاعة وفق آليات أكثر صرامة مما يحدث الآن.