آخر التحديثاتأبرز العناوينانتخابات 2024مقال الرأي

مرشحة الصدفة تواجه مرشح الإصرار

الاستماع للمقال صوتياً

مونتريال – مقال الرأي 

بقلم المهندس بسام أبوطوق

في الكثير من لحظات التاريخ الانتقالية يتوافق القادة على اختيار أضعف المرشحين المغمورين أو المجهولين لخلافة الزعيم المغادر لمسرح الأحداث ويعتبرون ذلك الاختيار مرحلة انتقالية لتحليل المستجدات وتثبيت موازين القوى والتمهيد لمرحلة قادمة. أنور السادات مثلا خلف جمال عبد الناصر وهو لم يكن في مقام النيابة أو الخلافة في أي مرحلة من المراحل. نيكيتا خروتشوف فاجأ العالم حيث تم اختياره لخلافة زعامة أسطورية من وزن ستالين، وبعد ديغول جاء بومبيدو الموظف البسيط  متجاوزاً رموز المقاومة الفرنسية. 

أنور السادات أصبح وريث عبد الناصر وحكم مصر عشر سنوات حتى اغتياله على أيدي الإسلاميين، خروتشوف هدم أركان المعبد الستاليني وتجرأ على رعاته وشكل حكمه الخاص على مثال شخصيته، كامالا هاريس لم تكن لتحلم بترشيحها لرئاسة الولايات المتحدة، جربت حظها في الانتخابات التمهيدية لحزبها الديمقراطي عام 2020 وخرجت من المراحل الأولية بعد أن اعترفت بوزنها وقدراتها، وقبلت بمنصب نائب الرئيس المحدود المهام و الأهمية. 

خلال ولايتها كنائب للرئيس جو بايدن 2020-2024 اكتفت بالبقاء في الظل حاملة لبعض الملفات الشكلية التي يكلفها بها الرئيس جو بايدن, ولم تكن لتحلم يترشيحها للرئاسة وخاصة أن العرف الأمريكي أن يرشح الرئيس الأمريكي نفسه لولاية ثانية عن حزبه دون المرور بانتخابات تمهيدية.

جو بايدن الرئيس المخضرم ذو الخمسين عقدا في خدمة السياسة الأمريكية ظهر في أضعف حالاته الذهنية والجسمانية في المناظرة مع دونالد ترامب وللعمر حقه. وكان  على الزعماء الديمقراطيين والعائلات السياسية المؤثرة كعائلة كلينتون وأوباما، إضافة لنانسي بيلوسي، أن يسارعوا لاختيار خليفة لبايدن لتدارك الكارثة التي ستؤدي الى خسارة منصب الرئاسة ومجلسي الشيوخ والنواب 

كان البديل جاهزاً .. امرأة سوداء ذات أصول آسيوية في منصب نائب الرئيس يمكن نقل التبرعات  المجمعة و الرصيد الانتخابي إليها بسلاسة، وهذا ما حصل،

قادة وقواعد الحزب الديمقراطي، كثفوا دعمهم وجهودهم على وجه السرعة لصنع كاريزما وتاريخ وأسطورة لمرشحة الصدفة، فنالت كامالا هاريس لحظتها الخاصة ،وتم الانقلاب بسلاسة، وهاهي كامالا هاريس تتحول بين لحظة وضحاها إلى أيقونة يقدمها الحزب الديموقراطي مرشحة وحيدة عنه فتقفز إلى الواجهة وتستفيد من الاندفاعة والرصيد الذي شكله بايدن إبان حملته لتجديد ولايته

وبدأ المطبخ الإعلامي بالعمل فهي أول امرأة للرئاسة وأول آسيوية، وهي مدعية عامة سابقة ذات خبرات قضائية وحقوقية، وهي شابة قياسا لأعمار جو بايدن ودونالد ترامب. 

تحققت كاريزما هاريس، وهاهي تقلص الفارق الإحصائي، بل تتخطاه ليصبح ترامب الخارج من مشهد محاولة اغتياله وشجاعته في التصدي، خاسراً لهذه الاندفاعة ومراجعا لحساباته ومخططاته.

على ترامب أن يعيد تشكيل حملته و أساسياتها، ولم يبق على الانتخابات إلا أقل من ثلاثة أشهر ، وهو لم يعد قادرا على التركيز على عمر بايدن وعلى هفواته وأخطاء  إدارته. أمامه الآن خصم أكثر شبابأً وحيوية وتنوع عرقي وجندري، و يدعمه أساطين الحزب الديموقراطي باراك وميشيل أوباما، بيل وهيلاري كلينتون والكل يعرف نفوذهم ورصيدهم في الحكم والسياسة.

جدد الحزب الديموقراطي شبابه واستنفر شعبيته وقواعده، وكل هذا صدفة لم تخطر على بال، ولكنها كانت ضرورة لوقف شيخوخة الحزب وترهله قياساً لشيخوخة زعيمه بايدن 

وترنو الأبصار الآن الى المناظرة المتوقعة بين دونالد ترامب و كامالا هاريس بعد أن وافق الطرفان على هذه المناظرة. وفي هذا السياق تطرح منصة وايت هاوس إن أرابيك على قرائها ومتابعيها الاستطلاع التالي: 

بعد أن وافق ترامب وهاريس على المناظرة في 10 سبتمبر من برأيك سيكون أداؤه أفضل.. 

وإن غدا لناظره لقريب .

 

بسام أبو طوق

مهندس وكاتب سوري - كندي مقيم في مونتريال
زر الذهاب إلى الأعلى