ثلاثة من القادة المتطرفين يهددون بجر العالم نحو حرب عالمية ثالثة
الاستماع للمقال صوتياً
|
وصلت مكتب البيت الأبيض بالعربية في واشنطن وثيقة سرية مسربة عن أحد الاجتماعات الأمنية التي تعقد في بروكسل بشكل سنوي لنقاش التحديات المحيطة في النظام الدولي، تشير إلى قلق القادة العالميين والأوروبين من قرب اندلاع حرب عالمية ثالثة، مصدره عقلية القادة المتطرفين وتحديدا كل من خامنئي ونتنياهو وبوتين.
نص الوثيقة:
يواجه العالم خطر اندلاع حرب عالمية ثالثة، ليس في سياق الصراع الدائر بين القوى الكبرى فحسب، بل لوجود قادة مستعدين لجرّ العالم نحوها، فعندما اندلعت الحرب العالمية الثانية لم يكن النسق الدولي مكتمل الأركان للذهاب نحوها، لا في تحالفاته ولا في دوله التي ما لبثت أن غادرت حرباً عالمية سبقتها بسنوات قليلة، بل اندلعت لأنّ قادة متطرفين (نازيين وفاشيين) أرادوا مغادرة حدودهم والخوض في مغامرات عسكرية وسياسية ضمن حدود غيرهم، وكانت نتيجة تصرفاتهم أن انجرّ العالم أجمع إلى حرب خلّفت ملايين القتلى والجرحى.
قد يكون الراهن متشابهاً إلى حد كبير مع الظروف التي ولدت الحرب العالمية الثانية، خاصة مع وجود قادة قوميين متطرفين على رأس دولهم، وعدم خشيتهم من القيام بمغامرات تخلّف الآلاف من القتلى وتدمر دولاً كانت قائمة في يوم من الأيام، ونقصد هنا النظام الإيراني بقيادة علي خامنئي، وإسرائيل التي تقودها الحكومة الأكثر تطرفاً في تاريخها برئاسة بنيامين نتنياهو، وروسيا التي يطمح رئيسها فلاديمير بوتين إعادة أمجادها القيصرية.
يشترك كل من خامنئي وبوتين ونتنياهو في جملة من المشتركات، في مقدمتها أنهم مهدّدون في الداخل، ولا ينال أي منهم رضا مجتمعاتهم، ولذلك فإنهم يلجأون إلى تصدير أزماتهم للخارج، وحياكة سردياتهم على حساب الدول المجاورة، وجميعهم معجبون بالإمبراطوريات القديمة التي كانت تحكم بلا عواقب وتقتل بلا تداعيات.
لكن لماذا هم خطيرون إلى هذا الحد؟ هم كذلك لأن ثلاثتهم يؤرقون العالم في حروب لا نهاية لها، فلم يلبث القادة الثلاثة أن تولوا مناصبهم قبل عقود حتى استعرت سلسلة لا متناهية من الحروب المستمرة حتى يومنا الحاضر، وهم اليوم في خضّم حروب لا يبتغون فيها النصر كما هو معهود في العلوم العسكرية، بل يعكفون على تغيير الوقائع وقلب مستقبل الشعوب، والاستخدام الكثيف للقوة العسكرية، مع ايقاع أكبر قدر ممكن من الضحايا، وسفك الدماء، فقد فعلت إيران ذلك ولا تزال في لبنان وسوريا والعراق واليمن، وكان ذلك بدعم سخي من فلاديمير بوتين، وجاء على حساب الأكثرية من مجتمع الشرق الأوسط وهم المسلمون وتحديداً أهل السنة منهم، لكنّ سلوك خامنئي القائم على توظيف المذهبية والطائفية في سفك الدماء والسيطرة على أراضي الآخرين لم يعد يقتصر على تهديد مكون واحد في المجتمع، سواءً في العراق أو سوريا أو اليمن أو لبنان، فقد شهدت تلك البلاد انهياراً في مقوماتها، وفقدت سيادتها، حتى باتت غير قادرة على توفير أدنى متطلبات الحياة لمواطنيها، وأصبحت الدولة تخدم مجموعة من المسلحين النافذين والمدعومين من إيران.
في غضون ذلك يضع القادة الثلاثة مصائر القارتين الآسيوية والأوروبية رهينة تصرفاتهم، فقد انتجت الحرب في أوكرانيا ظروفاً مدمرة في أوروبا، وقادت ما يزيد عن خمسين دولة ومنظمة للانخراط فيها، إما بالدعم العسكري والمادي، أو في المواقف ضد روسيا، لكنّ الصراع في أوكرانيا لا ينظر له بوصفه حرباً بين دولتين أو جيشين، وذلك بسبب رغبة روسيا في إزالة اسم أوكرانيا عن الخريطة، والسيطرة عليها باعتبارها أرضاً روسية سلافية أرثوذوكسية.
بذات المبدأ يخوض نتنياهو حرباً غير مسبوقة في آثارها الإنسانية، ومنقطعة النظير في تداعياتها الكارثية من خلال تدمير قطاع غزة وتهجير أهله، وهي ترتبط بأجندة صهيونية دينية متطرفة تريد بسط السيطرة الكاملة لليهود على كامل الأراضي الفلسطينية، وفي القلب منها الضفة الغربية والقدس الشرقية.
بناءً على ما سبق يمثل القادة الثلاثة تهديداً صريحاً للمجتمع الدولي، تأسس على مزيج من النزعة القومية المتطرفة، والسردية الدينية التاريخية التي حولت التنافس الدولي حول المصالح إلى صراع حول الوجود والفكرة والمبدأ، ونجاح هؤلاء القادة يعني حكماً زوال دول كانت في يوم من الأيام تحتل حيزاً هاماً على الخريطة الكونية، وتهديد هؤلاء ماثل لحلفائهم قبل خصومهم، وقد اختبرت الولايات المتحدة الأمريكية خطورة الحال في الشرق الأوسط، والسرعة التي يمكن أن ينزلق بها الصراع إلى حرب واسعة وممتدة تجر إليها الجيش الأمريكي، فيما دفع بوتين خوف الدول الأطلسية من تمدده إلى توسيع تحالفها العسكري نحو شرق آسيا، وتهديد حليف بوتين الرئيسي المتمثل في الصين.