طالبان في الدوحة وفرصة أممية ثالثة
الاستماع للمقال صوتياً
|
كاليفورنيا – مقال الرأي
الدكتور عبيد الله برهاني
تواجه مؤتمرات الأمم المتحدة تحديات كبيرة في تحقيق أهدافها دون مشاركة حكومة الأمر الواقع في كابول والانخراط الكامل معها. خلال الفترة الأخيرة، شهدت الساحة السياسية تكثيف اللقاءات بين المساعد السياسي للأمين العام للأمم المتحدة ونائب وزير خارجية قطر، حيث زارا كابول في الفترة 18 إلى 21 أيار /مايو للتحضير للاجتماع الثالث في الدوحة والمقرر عقده في العام الجاري يومي 30 حزيران/يونيو و 1 تموز/يوليو. وتمت لقاءات متعددة مع كبار مسؤولي الحكومة الأفغانية الحالية، حيث دُعيت للمشاركة في الاجتماع الدولي في الدوحة.
أظهرت الاجتماعات السابقة حين قاطعت سلطات الأمر الواقع (طالبان) الاجتماع الأخير في الدوحة ما أدى إلى نتائج ضعيفة وغير مؤثرة، ضرورة مشاركة حكومة طالبان كأمر واقع لضمان فعالية هذا الاجتماع وإيجاد شبه إجماع للتعاون الدولي مع أفغانستان، بهدف بناء علاقات اقتصادية وسياسية وتعزيز سبل تدفق المساعدات الإنسانية والإغاثية التي تخفف من وطأة المعاناة التي يعيشها الأفغان في الظروف الحالكة اليوم. وفي السياق نفسه، أكد نائب وزير الخارجية القطري خلال زيارته أن اللقاءات بدون حضور ممثلي الإمارة الإسلامية لا جدوى منها. بناءً على ذلك، تم تبادل الشروط والمحاور للنقاش بين الأطراف، حيث اتفقوا على معظم النقاط المطروحة، مع بقاء بعض النقاط قيد الدراسة أو البحث عن صيغة توافقية بين الطرفين
موقف سلطات الأمر الوقع (حكومة طالبان) غير المعترف بها دوليا وغير المندمجة في المؤسسات العالمية، حيث لا يرى المجتمع الدولي تحسنا فيما يخص الشمولية في البلاد أو في ملف حقوق النساء وهي الآن تَعُـدُ تحضيراتها للاجتماع الأممي الثالث بالدوحة وذالك بعد ما تم توجيه دعوة رسمية للمشاركة في الاجتماع، موقفها أعلنه مولوي عبد الكبير، النائب السياسي لرئيس الوزراء في حكومة الأمر الواقع، وصرح “أننا سنشارك بفعالية في اجتماع الدوحة المقبل إذا تم قبول شروطنا”، مشددًا على ضرورة دعوة كابول كممثل شرعي وحيد للشعب الأفغاني. وأشار إلى أن العالم يجب أن يسعى لتوسيع العلاقات الاقتصادية والسياسية مع أفغانستان، وتجاوز الحواجز السياسية لتحقيق تفاعل إيجابي مبني على الاحترام المتبادل
يتضمن جدول أعمال الاجتماع الثالث في الدوحة على طاولة كابول للمناقشة محاور رئيسية كما يلي:
الوضع المالي والمصرفي: التركيز على تحسين النظام المالي والمصرفي في أفغانستان.
مكافحة المخدرات والبدائل المعيشية للمزارعين: البحث عن حلول لمكافحة تجارة المخدرات وتقديم بدائل اقتصادية للمزارعين.
تنمية القطاع الخاص: دعم نمو القطاع الخاص لتعزيز الاقتصاد المحلي.
التغير المناخي: مناقشة تأثير التغير المناخي على أفغانستان والبحث عن حلول مستدامة.
تشير التوقعات إلى أن كابول ستشارك في الاجتماع الثالث بالدوحة نظرًا لتغير مواقف المجتمع الدولي، حيث تم إدراك أن سياسة الضغوطات الاقتصادية المستمرة والحصار لم تؤت ثمارها. بالإضافة إلى ذلك، لا يواجه النظام الحالي تهديدات داخلية أو خارجية كبيرة، بل تتوسع علاقاته مع دول الجوار وغيرها. تأتي هذه التحركات في إطار المنافسة مع واشنطن وتخوفاتها من انخراط المجتمع الدولي دون مراعاة مصالحها الحيوية في أفغانستان والمنطقة برمتها.
يبدو أن العالم يدرك الآن أن تحقيق الاستقرار والتقدم في أفغانستان يتطلب مشاركة حكومة الأمر الواقع في كابول. ومن المرجح أن يسهم الاجتماع القادم في الدوحة في تحديد مسار جديد للتعاون الدولي مع أفغانستان بهدف بناء علاقات اقتصادية وسياسية متينة، وتجاوز العقبات السابقة لتحقيق تنمية مستدامة واستقرار طويل الأمد في المنطقة
لا شك ان الاجتماع الثالث بالدوحة سينعقد حول القضية الأفغانية في ظروف تنافس دولي إقليمي كموقع استراتيجي وممر اقتصادي بين آمال وتطلعات وتحديات متنوعة، إلا أن الجميع يتطلعون المرة هذه إلى خطوات إيجابية نحو تحقيق الاستقرار والتنمية وإزاحة الهواجس الأمنية لنرى ما الذي تحمله الأيام المقبلة لأفغانستان المنكوبة.