الولايات المتحدة أمام اختبار: عراق مستقر أم مضطرب؟
الاستماع للمقال صوتياً
|
واشنطن – مقال الرأي
رفعت الزبيدي
الديباجة التي بتنا نحفظها من المسؤولين في الولايات المتحدة سواء البيت الأبيض أو سفراءها “أننا نتطلّع الى عراق مزدهر وآمن تُمارس فيه الديمقراطية وتداول السلطة بشكل سلس” لو حلّلنا تلك الديباجة وفق سياقات المصالح الحيوية والتي بموجبها وضعت اتفاقية الإطار الاستراتيجي بين البلدين لوجدنا تناقضات كثيرة تدعو احيانا إلى السخرية. لاشك أن هناك معلومات موثّقة لدى السفارة الأمريكية عن انتهاكات حقوق الإنسان تُمارس بشكل ممنهج من قبل المليشيات التابعة للأحزاب والتيّارات السياسية الحاكمة او المتنفذة.
وقبل عدّة أيام استمعتُ إلى تصريح السفير السابق في بغداد ديغولاس سيليمان للأعوام 2016-2019 أشار إلى ترحيبه بعودة التيّار الصدري إلى الحياة السياسية والمشاركة في الانتخابات البرلمانية لايمكن لأي متابع لملف العراق أن يُصدّق اعتكاف التيّار الصدري عن الحياة السياسية فالدرجات الوظيفية كمدراء عامّين للوزارات مازالت لهم حصّة كبيرة بالإضافة إلى منصب رئيس الأمانة العامة لمجلس الوزراء العراقي عن كتلة سائرون الصدرية والذي يشغله حميد الغزّي.
التغريدات والخطابات التي يُطلقها زعيم التيّار الصدري مقتدى الصدر ومنها طلبه إدراج مناسبة لدى الشيعة تُسمى بالغدير تم إدراجها ضمن العطل الرسمية في قرار من البرلمان العراقي في 22 من الشهر المنصرم بناء على دعوة الصدر وهو حضور لافت في المشهد السياسي والتشريعي وإن غاب أعضاء تيّاره المنتخبون عن الدورة الحالية للبرلمان.هذه الأمثلة لابد أن السفير السابق سيليمان يعرفها جيدا خصوصا انه رئيس معهد دول الخليج العربية في واشنطن.
في رأيي أن ما قلته يدخل في الاختبار الحقيقي للسياسية الأمريكية أولا من حيث المصداقية خصوصا من سفير عمل في الحقل الدبلوماسي وتدرّج في مناصب متعددة لاتغفل عنه الأدوار السيئة للتيّار الصدري في قمع حركة تشرين 2019 من خلال ماعُرفت بمجموعة القبعات الزرق وهو دور مكمّل لبقية المليشيات الولائية لايران.
الاختبار الثاني مدى جديّة إدارة بايدن في سنته الأخيرة قبل الانتخابات مما يجري من عدم استقرار أمني وسياسي بسبب الهيمنة الايرانية من خلال أذرعها السياسية والعسكرية في المنطقة الخضراء. الهجمات الأخيرة على المصالح الاقتصادية للشركات الأمريكية في العاصمة بغداد فيه رسائل ابتزاز واستعراض للعضلات لاتؤشر على مفهوم بناء الدولة أو حل المشاكل بالطرق المشروعة كالمفاوضات أو الضغط الاقتصادي المتبادل في القوانين التي ربما تحفّز أصحاب القرار على إبداء المرونة في مواضيع سياسية معقدة بين البلدين أو مرتبطة بأحداث في المنطقة.
عدم المصداقية والجديّة يفرضُ علينا كمعارضة مستقلة وناشطين سياسيين في ملف العلاقات العراقية الأمريكية أن نحذّر الجانب الأمريكي من أن العراقيين ربما ستكون لهم ردود أفعال لا تخدم مستقبل العلاقات فالعملية السياسية بوضعها الهزيل والفاشل لا يمكن أن تستمر الى مالانهاية وفق عقلية وسلوك من يقودون المنطقة الخضراء، أربيل والحنّانة.
بالإضافة إلى الصراع المحتمل في المستقبل القريب أو الأبعد كبضعة سنين قلائل. أحداث المنطقة والعالم ستُلقي بنتائجها على العراق ونحن لدينا رؤيتنا وخطابنا الذي يحفّز أنصارنا ومؤيدينا على النظر إلى الأمور بجديّة ومسؤولية.ليس من مصلحة الولايات المتحدة ودول المنطقة التعامل مع نظام سياسي فاشل ومنافق في العراق.