مستقبل العلاقات العراقية الأميركية
الاستماع للمقال صوتياً
|
أوهايو – مقال الرأي
رفعت الزبيدي*
تختلف رؤيتي الوطنية المعارضة لشكل العلاقة بين الولايات المتحدة والعراق عن الرؤية الحكومية أو الحزبية في العراق أو التابعين لهم في الخارج. أدوات رؤيتي تستند على الواقعية والطموح من خلال الشفافية والسجل التاريخي بسلبياته وإيجابياته. بينما الفريق الحكومي في المنطقة الخضراء أو حلفاؤهم في أربيل والسلميانية والحنّانة، فتستند رؤيتهم على أداوت التضليل وكسب الوقت والتقيّة السياسية المتفرعة من التقيّة الدينية بالنسبة لأحزاب الاسلام السياسي.
رؤيتي تخدم المصالح المشتركة بين العراق والولايات المتحدة، بينما رؤية النظام السياسي في العراق فتخدم السياسة الإيرانية وحلفائها في المنطقة. لهذا فسياسة الاحتواء الإيرانية وتخادم أدواتها حجّمت وهمّشت أي دور حقيقي يتوافق وطموح السياسة الأمريكية في الادعاء أن الولايات المتحدة مع استقرار وسيادة العراق.
وفق ما أشرتُ أعتقد أن أهم التحديّات التي تواجهنا كمعارضة مستقلّة هي:
أولا/ إزدواجية المعايير في السياسة الأمريكية. على سبيل المثال، يدّعي أصحاب القرار في البيت الأبيض أو المؤثرون في التشريعات من مجلسي الشيوخ والنوّاب، أنهم مع استقرار العراق ويرفضون سياسة التدخل الإيرانية وهيمنتها على القرارين السياسي والاقتصادي، واستخدام المليشيات الولائية لضرب وتهديد المصالح الأمريكية، لكننا لم نجد على أرض الواقع ما يشير إلى مصداقية ذلك. كمتابع لا أتحدث عن سياسة الردع من خلال ضربات انتقائية للمليشيات في العراق وسوريا، إنما على الجانب السياسي والاقتصادي حيث المزيد من الشراكات السياسية، الاقتصادية إضافة الى الأمنية تحت ذريعة محاربة داعش، في حين أن خطر المليشيات والفساد المالي والإداري أشد أثرا على مستقبل العراقيين.
ثانيا/ تشتت جهود المعارضة العراقية وعدم بروز شخصيات ذات كاريزما في القيادة والإدارة، يطيل من عمر معاناة العراقيين ويعقّد الحلول، ويعطي ذريعة الى أصحاب القرارين الإقليمي والدولي كالولايات المتحدة مثلا، في القول أننا لانستطيع التعامل مع المعارضة لتكون عامل ضغط على النظام السياسي لتحقيق الاصلاحات المؤمّلة من وعودهم، وذلك بسبب انزواء المعارضة أو تشتتها، كما هناك معارضات ضعيفة في خطابها ورؤيتها ولا تمثل طموح العراقيين قبل كل شيء.
ثالثا/ بروز شخصيات يتّم الترويج لها في وسائل الإعلام العراقية والتواصل الاجتماعي على أنها قيادات وطنية يعّول عليها التغيير، في حين ووفق مبدأ الشفافية لم نجد لهم مبادرات واقعية تقنعنا أن هؤلاء هم من يعوّل عليهم فعلا بالإضافة الى سيرتهم الذاتية المثيرة للشكوك.
رابعا/ عامل الوقت واستنزاف الجهود يعمّقان من المشاكل ويعقدان الحلول بحيث يمكن أن يُطرح موضوع التدخل الخارجي كما حدث عام 2003، والغزو الأمريكي للعراق. لذلك أطرح بعض الحلول والتي سبق لي أن طرحتها على شكل مبادرات مفصّلة أجد أن واقعيتها هي الأرجح في النظر اليها كنظرة تحليلية وليست مجرد مبادرة وأمنيات.
الحل الأول/ عقد مؤتمر للحوار الوطني خارج العراق على اعتبار أن العراق بيئة غير آمنة، تحضره شخصيات تؤمن بالشراكة الاستراتيجية مع الولايات المتحدة وتؤمن بفصل الدين عن الدولة. تقدم ورقة عمل للمؤتمر من مختلف التخصصات تُفضي الى خارطة طريق تُسمّى بالمشروع الوطني لعراق المستقبل. على أن تشمل الورقة مصير الأحزاب والميليشيات والشخصيات المتهمة في ارتكاب انتهاكات حقوق الإنسان والفساد المالي وكيف يتم التعامل معهم، ليس بدافع الانتقام إنما لتحقيق العدالة الوطنية.
الحل الثاني/ في حال فشل تحقيق مؤتمر للحوار الوطني، يمكن لمجموعة من العراقيين لم شملهم ضمن مجموعة عمل مصغّرة تطرح رؤيتها على وسائل الاعلام، والإدارة الأمريكية، وتخاطب الشعب العراقي على أنها القيادة البديلة للم شمل القوى والشخصيات الراغبة في التغيير ضمن شراكة حقيقية تتفق على برنامج عمل يمثل طموح ورؤية الدول المعنية بالملف العراقي. هذه التجربة سبق أن خضناها في مرحلة المعارضة وقد تمخصت عن تأسيس المؤتمر الوطني العراقي الموحّد 1992. ما أطمح إليه هو اعادة التجربة بصيغة مختلفة ومطوّرة نأخذ فيها الاعتبار للجوانب السلبية والإيجابية لتلك المرحلة.
ومابين الواقع والطموح تبقى العوامل المؤثرة ومستجدات الأحداث تحديّا جديدا يخلط الأوراق، أو يحفّزنا على خطوات أسرع وحلولا مختلفة تكاد تكون متقاربة.