قبل النصر.. بعد الهزيمة
الرياض – خاص
بقلم الدكتور تركي فيصل الرشيد
في العلوم السياسية، لا توجد نظرية ملموسة للنصر. ومع ذلك، من المهم أن نتأمل في نهج بنيامين نتنياهو تجاه الحرب في غزة والتساؤل عما إذا كان يستطيع تحقيق أي شكل من أشكال النصر.
وعندما ننظر إلى هدف نتنياهو الأساسي المعلن في القضاء على حماس، تتجلى نظرية الهزيمة بامتياز في الهدف الذي لم يتحقق بعد. وبالتالي، وبحسب هذا التعريف، فإن نظام نتنياهو وجيشه يواجهان الهزيمة.
أحداث 7 أكتوبر لم تمثل هزيمة عسكرية فحسب، بل هزيمة سياسية واجتماعية لمشروع الفصل العنصري الإسرائيلي. وأظهرت أن استراتيجية إدارة الصراع وشراء الوقت قد فشلت، ومآلها الانهيار بتكلفة باهظة. ويشير هذا الفشل إلى أن إسرائيل لم تنجح في استبدال عمليات إدارة الصراع المؤقتة بحل الدولتين كحل نهائي.
يجب على نتنياهو أن يعترف بهزيمته الاستراتيجية التي أثارت بالفعل ردود فعل من المجتمع الدولي وهو ينظر إلى إسرائيل كدولة تمارس شكلاً من الإبادة الجماعية بعد سبعة أشهر من الحرب. وستكون العواقب بالنسبة لنتنياهو كبيرة، حيث تأتي المعارضة من خصومه السياسيين، والمؤسسة العسكرية والأمنية، بل وحتى السلطة القضائية. وقد تكون هناك اتهامات ولجان تحقيق ومحاكمات وتدقيق دولي واسع النطاق.
إذا صمتت آلة الحرب الآن، فإن نتنياهو سيشعر بالنهاية الوشيكة. وعلى الرغم من الخسائر العديدة، فقد فشل في استعادة الرهائن، الأمر الذي كان من الممكن أن يرضي أولئك الذين يسعون للانتقام. إن غياب الضربة الحاسمة يجعل من الصعب على المشاركين في الحرب قبول نهايتها.
لقد أمضى نتنياهو سنوات في تقويض أي عملية سياسية تتقدّم نحو إقامة دولة فلسطينية، لكنه يشهد الآن أن الطلب على مثل هذه الدولة يكتسب زخماً في جميع أنحاء العالم. ومن ناحية أخرى، يسمع السنوار، زعيم حماس، صوت العالم الآن حين يؤكد على الحاجة إلى ترسيخ وجود إسرائيل كشرط أساسي للتحرك نحو إقامة الدولة الفلسطينية. ورغم أن عبارة “العودة من الحرب بلا نصر” قد تكون قاسية، إلا أنها تسلط الضوء على حق الفلسطينيين في دولة مستقلة.
بعد الحرب، أي نوع من المستقبل ينتظر الإسرائيليين والفلسطينيين؟
يستحق سؤال “اليوم التالي” هذا الأولوية بينما يعمل المفاوضون على وقف إطلاق النار.