الخيارات الاستراتيجية للرد الإسرائيلي
الاستماع للمقال صوتياً
|
الرياض – أوراق استراتيجية
بقلم المستشار العسكري فيصل الحمد
في يوم الثالث عشر من شهر أبريل عام 2024، شهدت إسرائيل سلسلة من الهجمات الجوية الإيرانية التي أثارت توترات كبيرة في المنطقة وأثرت على السياسة والأمن في منطقة الشرق الأوسط. يعد هذا الحدث نقطة تحول هامة، وقد ترك آثارًا عميقة تستحق التحليل والنظر.
دائماً ما ينظر إلى الأضرار المادية والبشرية كنتيجة مباشرة للاستهداف، فالخسائر البشرية كانت محدودة جداً حسب البيانات الصادرة من الحكومة الإسرائيلية، أما الخسائر المادية يمكن استعادتها مع مرور الوقت. أما الأثر المهم فهو النفسية العامة والقرارات السياسية في الدولة كردة فعل، إضافة إلى تزايد حالة التوتر والقلق بين السكان.
لكن الهجوم الذي حدث في الثالث عشر من الشهر الجاري يحمل العديد من المتغيرات الاستراتيجية، والتأثير الدولي والإقليمي واسع النطاق. ومن أهم هذه المتغيرات، هي تخلي إيران عن استراتيجيتها، والتي تتبعها منذ أكثر من عقدين، والتي تعتمد على الصبر الاستراتيجي والابتعاد عن المواجهة المباشرة مع الولايات المتحدة. هذا المسار الإيراني الجديد قد يجعلها في طريق الاصطدام المباشر مع الولايات المتحدة، خصوصاً أنه الاستهداف الأول من الأراضي الايرانية، إضافة إلى وضع المنطقة على هاوية التصعيد.
تواجه إسرائيل مجموعة من سيناريوهات محتملة للرد، ما يتركها في موقف حساس يتطلب تحليلاً دقيقاً واستجابة متزنة. إليك بعض السيناريوهات المحتملة:
– ردٌ عسكريٌّ مباشر، قد تختار إسرائيل الرد بقوة عسكرية مباشرة على الهجوم الإيراني، سواءً بالقصف الجوي على مواقع عسكرية إيرانية أو بعمليات عسكرية على الأرض.
– الضغط الدبلوماسي، قد تسعى إسرائيل إلى الرد بوسائل دبلوماسية، من خلال تكثيف الضغط الدولي على إيران واستخدام العلاقات الدبلوماسية للتأثير على الموقف الإيراني.
– الرد الاقتصادي، قد تختار إسرائيل الرد عبر العقوبات الاقتصادية، مثل زيادة العقوبات الاقتصادية على إيران وتقليص العلاقات التجارية.
– الرد بالقوة السيبرانية، يمكن لإسرائيل اللجوء إلى الهجمات السيبرانية كرد على الهجوم الإيراني، من خلال القرصنة الإلكترونية والتدخل في بنية الإنترنت الإيرانية.
– الرد بالصمت، في بعض الحالات، قد تختار إسرائيل عدم الرد علناً، وتفضل الاحتفاظ بخياراتها لاحقًا دون الإفصاح عنها، مما يجعل ايران تنتظر لحظة الرد.
ولكن الرد يجب ان يعتمد على العديد من العوامل المهمة، وتشمل:
– التقديرات الاستخباراتية، تحليل المعلومات الاستخباراتية وتقييم الأضرار والتهديدات المحتملة تؤثر في قرار الرد.
– الأمن القومي، يُراعى دائمًا كيفية تأمين مصالح الأمن القومي في اتخاذ أي قرار بالرد.
– العواقب الإقليمية، يتم النظر في كيفية تأثير الرد على الأوضاع الإقليمية والتوترات المحتملة مع الدول الأخرى.
– العواقب الدولية، تأثير الرد على العلاقات الدولية والتأثير على الدعم الدولي للسياسات الإسرائيلية.
– القدرات العسكرية والتكنولوجية، قدرات الجيش والتكنولوجيا المتاحة تلعب دورًا في نوع وشدة الرد المحتمل.
– السياسات الداخلية، العوامل السياسية والدبلوماسية داخل الدولة تؤثر في صياغة استراتيجيات الرد.
– الهدف الاستراتيجي، تحديد ما إذا كان الهدف من الرد هو الردع، أو تحقيق أهداف سياسية أخرى، مثل تقوية الدبلوماسية أو الحصول على تنازلات.
– التقييمات العسكرية والاستراتيجية، تقييم العواقب المحتملة لكل سيناريو والتفكير بشكل عميق في الخطوات التالية وتحديد الأولويات.
هذه العوامل تشكل شبكة مترابطة تؤثر في صياغة وتنفيذ الرد الإسرائيلي على الأحداث الجارية.
ودائماً ما ينظر إلى الأضرار المادية والبشرية كنتيجة مباشرة للعمليات العسكرية. لكن الآثار المهمة هي الآثار الاستراتيجية، والتي قد تؤثر بشكل كبير على السياسة الإقليمية والأمن القومي للمنطقة. بعض الآثار الاستراتيجية المحتملة:
– زيادة التوتر الإقليمي، الهجوم قد يؤدي إلى تصعيد العداء، مما يزيد من التوتر في المنطقة بأسرها. هذا التوتر قد يؤثر على دول الجوار ويسهم في زيادة عدم الاستقرار الإقليمي.
– تغييرات في الاستراتيجيات العسكرية، دول المنطقة قد ترى ضرورة مراجعة وتعديل استراتيجياتها الدفاعية والهجومية لتتكيف مع الواقع الجديد الذي يشمل التهديدات الإيرانية المباشرة.
– التأثير على العلاقات الدولية، الهجوم قد يؤدي إلى تغيير في العلاقات الدولية لإسرائيل، بما في ذلك تعزيز التحالفات مع الدول التي تشارك نفس المخاوف بشأن إيران، مثل الولايات المتحدة.
– الضغوط الداخلية، قد تزيد الضغوط الداخلية على الحكومة الإسرائيلية للرد بقوة وحزم لضمان الأمن القومي واستقرار البلاد.
– تأثيرات على الجبهة الداخلية، استمرار الهجمات أو تصعيدها يمكن أن يؤدي إلى تعزيز الإجراءات الأمنية داخل إسرائيل، مما يؤثر على الحياة اليومية للمواطنين. هذا يشمل احتمالية زيادة الاجراءات الأمنية، تعزيز الدفاعات الصاروخية، وربما حالات التعبئة العام.
– التأثير على الاقتصاد، التوترات المتزايدة والمخاطر الأمنية قد تؤثر سلبًا على الاقتصاد الإسرائيلي، خاصة في قطاعات مثل السياحة والاستثمار الأجنبي.
– تغييرات في السياسات الأمنية، الهجوم قد يدفع إسرائيل لتكثيف جهودها في مجال الأمن السيبراني وتطوير تكنولوجيات دفاعية جديدة لمواجهة التهديدات المستقبلية.
– إعادة تقييم التحالفات الإقليمية، قد تسعى إسرائيل لتعزيز التحالفات الإقليمية والبحث عن شركاء جدد في مواجهة النفوذ الإيراني المتزايد.
– التأثير على الرأي العام، الهجوم وطريقة التعامل معه قد يؤثران بشكل كبير على الرأي العام داخل إسرائيل، مما يؤثر على السياسة الداخلية واستقرار الحكومة.
– تعزيز قدرات الرصد والاستطلاع، قد تستثمر إسرائيل موارد أكبر في تحسين قدراتها في مجال الاستطلاع والرصد لضمان التقدم في الاستجابة لأي تهديدات مستقبلية، وللحصول على فهم أعمق للتطورات الإستراتيجية والعسكرية في إيران.
– إعادة تقييم الدعم الدولي، قد تتخذ إسرائيل خطوات لتأمين وتعزيز الدعم الدولي لموقفها، خاصة من الولايات المتحدة وحلفاء آخرين، لضمان توفير شبكة أمان سياسية وعسكرية في مواجهة الضغوط الإيرانية.
– التأثير على العملية السياسية في الشرق الأوسط، الهجوم قد يؤدي إلى إعادة تشكيل السياسات والتحالفات في المنطقة، مما يفتح الباب لمفاوضات جديدة أو يؤدي إلى تصلب المواقف بين الفاعلين الإقليميين.
كل هذه الآثار تشير إلى مرحلة جديدة من التحديات والحسابات الاستراتيجية التي يجب أن تنظر فيها إسرائيل، فهي تقف على مفترق طرق حيث يجب أن توازن بين الرد القوي لإظهار العزم، وبين تجنب التصعيد الذي قد يؤدي إلى صراع إقليمي أوسع.
تحليل استراتيجي متميز من الاستاذ فيصل الحمد عن المكاسب والخسائر الاستراتيجية للطرفين من هذه الاستهدافات وان كنت اعتقد ان ايران لا تستطيع ان تغامر بشكل اكبر في هذا الامر نظرا للتفوق النوعي لاسرائيل والدعم الامريكي والغربي لها