آخر التحديثاتأبرز العناوينمقال الرأي

آخر حروب حماس

الاستماع للمقال صوتياً

فلسطين –  خاص وايتهاوس

مقال الرأي بقلم الإعلامي الفلسطيني أيمن خالد

حماس اليوم في مواجهة مع قرابة 23 دولة وأكثر، بسبب العملية العسكرية والإنزال الجوي الذي نفذته على حفل للموسيقى في السابع من أكتوبر وراح ضحيته مئات القتلى، وبالتالي بات مصير المسؤولين عن ذلك محتوماً، وهو الذهاب إلى الجنائية الدولية، ويكفي قيام دولة واحدة من هذه الدول بتقديم شكوى لتأخذ المحكمة مسارها، خصوصاً وأن الدلائل على ارتكاب الجريمة موثقة، ما يعني أن مصير الحركة بالكامل بات معلقاً خلف أصوات تلك الآلات الموسيقية التي أسكتتها بنادق حماس التي أصابت المحتفلين.

بنادق حماس في ذلك المكان أصابت مجموعة كبيرة من الاسرائيليين بالإضافة لعدد كبير من السياح الأجانب قدموا من مختلف القارات، ومختلف الأديان والأعراق، ما جعل من السهل إحداث مقارنة بين حماس وداعش، وهو ما ظهر جلياً على العديد من وسائل الاعلام الأجنبية، ما وضع أمريكا ومختلف الدول الأوروبية تعلن دعماً غير محدود وتأييداً لإسرائيل في عمليتها العسكرية ضد حماس، من هنا ندرك أنها آخر الحروب التي تخوضها حماس، ما يحتم خروجها من الجغرافيا أمراً غير قابل للنقاش.

حكاية الطائرات الشراعية

ليلة الطائرات الشراعية هو عنوان كبير في الإعلام الفلسطيني الذي تشرف عليه دمشق، وقصة الواقعة تعود الى 25 نوفمبر عام 1987 عندما أرسل تنظيم أحمد جبريل 4 من عناصره يقودون طائرات شراعية، هاجموا أحد المعسكرات الإسرائيلية، وكان توقيت العملية في أعقاب المذبحة الكبيرة التي تعرض لها الفلسطينيون في لبنان على يدي القوات الخاصة السورية وتنظيم حركة أمل المدعومة من إيران آنذاك، وعندما أدرك نظام الأسد فشل عملية الإبادة، جاءت عملية الطائرات الشراعية لإظهار الأسد أنه حامي العروبة، ورغم أنها حادثة عابرة بالمقاييس العسكرية ورغم أنها لم تتكرر، لكن هذا المشهد ظل موجوداً أسطوانة يومية.

ومع تكرار فكرة مشهد الطائرات الشراعية التي اقتحمت فيها حماس غلاف غزة، يترك ذلك أسئلة كثيرة، لأنه تاريخياً، بقيت فكرة السيطرة على الأجواء هي خاصة بالطيران الاسرائيلي، وبالتالي ما بين حماس وأحمد جبريل معادلة واحدة، لعلهم أرادوا أن يرسموا في الاذهان صورة كسر المستحيل، وتحويل هذا الفعل إلى عمل أسطوري في الأذهان، وهل هناك بصمات مشتركة.

إيران .. حماس

ليس صحيحاً أن إيران تخلت عن حماس، لأن حماس تعمل كـ مليشيا موظفة لدى إيران، فقد سبق وتخلت حماس عن فلسطينيي العراق عندما ذبحتهم مليشيا مدعومة من إيران، وتخلت عن مخيمات سوريا وعانقت النظام السوري رغم مرارة ما عاناه الفلسطينيون هناك، وهي سبق وانقلبت على السلطة الفلسطينية في غزة وتسببت بإنهاء اتفاق المعابر، وساهمت في جمود العملية السياسية، وأدخلت غزة في حرب وراء أخرى، ثم بدأت بنقل المعركة تدريجياً نحو الضفة بمساعدة الجهاد الإسلامي بقصد الانقلاب على  السلطة في الضفة الفلسطينية وتحويلها إلى غزة ثانية.

بالتالي لم تكن حماس حركة وطنية، تهتم بمصالح الشعب الفلسطيني، وإنما مجرد أداة ساهمت في عبور إيران نحو سوريا بذريعة تحرير فلسطين، ما أدى لتشريد ملايين السوريين ومئات الالاف من اللاجئين الفلسطينيين، وما يمكن قوله، إن إيران كان من المستحيل عليها اختراق الجدار العربي لولا أن حماس نقلت ملف القضية الفلسطينية من يد العرب، وألقته في الحضن الإيراني. 

آخر حروب حماس

ما تريده إيران من حماس هو القتال أطول فترة ممكنة، مع أكبر قدر من الخسائر بين المدنيين، بغية زرع اليأس فيهم، فالخطة الإيرانية تقضي بنقل أكبر قدر ممكن من الفلسطينيين إلى اليمن، إلى جوار الحوثي.

إيران تعتقد أن قتال حماس لعدة أشهر سيؤدي إلى إرهاق الجيش الإسرائيلي وبالتالي  هذا الجيش سيحتاج إلى عامين أو أكثر حتى يتمكن من خوض حرب جديدة، وتعتقد إيران أن إقدام حماس على هذه المعادلة الصفرية متجازوة كل المعايير سيدفع باتجاه الحلول الصفرية، ما يعني ترحيل حماس عن غزة على شاكلة بيروت. وبما أنه لا تستطيع أي دولة لديها قانون ان تستقبل مقاتلي حماس فالخيار الوحيد هو إرسالهم الى اليمن، ما يعني وضع القوة العسكرية القادمة من غزة في مواجهة السعودية من أجل تعطيل العملية السلمية في الشرق الأوسط، وربما يكون الخيار ذاته مقنعاً للحكومة الإسرائيلية الحالية التي ستحاول استغلال المخاطر التي تواجهها السعودية بغية ترتيب صفقة سياسية بأبعاد أمنية واسعة.

ويبقى السؤال الأهم: هل زيارة وزير الدفاع السعودي إلى أمريكا تأتي ضمن خيار رفض الصفقة المحتملة، أم ماذا؟

 

زر الذهاب إلى الأعلى