حوار خاص مع أقحوانة من عبق ثورة جبل العرب
الاستماع للمقال صوتياً
|
واشنطن/برسبان أستراليا – وايتهاوس
هي من أصايل الثائرات ممن خرجن في العام 2011 مطالبات بحقهن المشروع بالكرامة والحرية والعيش في دولة القانون. تردّد صوتها بقوة ومصداقية عالية حتى وصلنا هنا في واشنطن عابقاً بعنفوان الثورة السورية الماجدة في خروجها البكر حين تجلّت في أبهى مشهد تعدّدي وطني خالص، ويوم لم يكن الحراك رهناً للمصالح الضيقة والسطوة الإقليمية والدولية والتكسّب الخاص.
إنها ريما فليحان*، سيدة من أرض جبل العرب – منبت صناعة الحرّيات منذ عهد الثورة السورية الأولى والثائر السوري الأعظم، سلطان الأطرش، إلى حاضر الجبل الرائع وخروج أهله الكبير والمتجدّد في عهد شيخ العقل والشيخ الجليل حكمت الهجري الذي ينادي بها ثورة مدنية سلمية، ثورة حرية وكرامة في الساحات حتى الوصول إلى دولة القانون.
وايتهاوس حاورت السيدة فليحان عبر الإنترنت وكان هذا اللقاء:
سؤال: ما رأيك سيدة فليحان بتوقيت اندلاع الحراك الثوري في السويداء، هل هو متأخر أم هو التوقيت المناسب؟
فليحان: السويداء كان لها حراك مستمر منذ بداية الثورة. صحيح أنه كان حراكا نخبويا للمثقفين في السويداء ولم يكن بزخم الحراك الشعبي الحالي، إلا أنه كان يتحدّى المستحيل. فقد كانت السويداء تحت قبضة أمنية مشددة، ولوحق من شارك بهذا الحراك، وتعرضوا للتهديد والخطر، واضطر الكثيرين لمغادرة البلاد. كما استضافت السويداء مئات الآلاف من السوريين الضيوف من بقية المحافظات وثم رفضت التحاق أبناء السويداء بالخدمة العسكرية حتى لا يتورطوا بدماء السوريين مع بعض الاستثناءات.
الحركة الشعبية اليوم جاءت بوقت مفصلي أحرج النظام بعد ادعائه النصر، وهي تعكس صوت السوريين في كل مكان. التوقيت هام بعد محاولة التعويم العربي دون أن يقوم النظام بأية خطوة إيجابية باتجاه الحل السياسي، جاءت صفعة على وجه النظام وخلطت كل الأوراق السياسية وحرّكت الملف السوري بعد جمود كبير.
وايتهاوس: موقف وخطاب شيخ العقل حكمت الهجري من الحراك متوازن ومتقدم حتى على الخطاب المدني بدعوته لدولة علمانية في سوريا. ما قراءتك لتصريحاته الجامعة والجريئة؟
فليحان: هو موقف مشرف وطني وملهم لأهالي السويداء والسوريين عموما. وقوف الشيخ حكمت الهجري مع الحراك أعطى زخما للحراك وساهم باتساعه. والمطالبة بالدولة العلمانية من رجل دين موقف متحضر و متقدم واستراتيجي صحيح.
وايتهاوس: ما هو مستقبل الحراك وكيف يمكن البناء سياسياً عليه؟
فليحان: نحن اليوم أمام فرصة لإعادة المسار السياسي لسياقه الصحيح، عبر البدء بتشكيل هيئة حكم انتقالية وليس المسار الدستوري الذي ولد ميتا. الحراك يضع ادعاء النظام بمكانه المناسب وهو أنه ادعاء كاذب، وهنا على الدول العربية إعادة تقييم موقفها بعد محاولاتها التطبيع معه في ظل عدم تقديم النظام أيه خطوات ايجابية تُذكر باتجاه المبادرة العربية.
وايتهاوس: ما هو برأيك سر صمت وصبر النظام على تحرك السويداء بما يناقض موقفه من الحراك السوري في معظم المحافظات التي خرجت على النظام وحلفائه؟
فليحان: ببساطة لأن الحراك بمعظمه من الأقليات، وهو موقف محرج للنظام. إذ أن الحل العنفي في هذه الحالة سينسف سرديته بأنه حامي الأقليات، كمان أنه جاء بعد المبادرة العربية حين كان النظام يحاول تلميع صورته القبيحة دوليا. وهنا يجدر الذكر أنه لولا تضحيات الأحرار السوريين مجتمعين، وفي كل مكان، لم نكن لنصل إلى هذه اللحظة.
وايتهاوس: إلى أين تمضي سوريا في ظل معارضة معظمها في الشتات ولم تثبت كفاءة سياسية توازي تطلعات الثورة، وبوجود نظام يعيش حالة من الإنكار والتمسك بالسلطة بدعم من الميليشيات، وانتشار أربعة جيوش على الأرض السورية النازفة؟
فليحان: نحن بحاجة ماسّة إلى توحيد الصفوف، والتعالي عن الأنا والتطلعات الفردية والحزبيةن والعمل معا من أجل تشكيل تيار ضغط ومناصرة حقيقية تؤدي للتغيير المطلوب، لدينا الكفاءات السياسية الكافية لتشكيل هذا التيار السياسي.
وايتهاوس: ما هو المخرج برأيك من الانسداد السياسي الأممي وعجز الدول عن تطبيق القرار 2254؟ وما هي رسالتك للسوريين ولأهل السويداء وأنت ابنتهم وابنة الثورة في ريعانها؟
فليحان: نحن مع الأهل في السويداء، ونشدّد أن قوتهم تكمن في سلميتهم ووحدة الصف، و بالتمسك بالسياق الوطني كما يفعلون تماما.
ونحتاج لأن نتذكر دائما تضحية كل السوريين في السنوات الاثني عشر المنصرمة، ونؤكد على ضرورة التمسك بالحل السوري والمطالبات الحقوقية والسياسية والوطنية، والحاجة إلى ضغط حقيقي من قبل المجتمع الدولي، ومناصرة ودعم حراك السويداء بخروج بقية المحافظات لدعم حراك الجبل العظيم.
نحن نحتاج لمواقف عملية من الدول العربية والدول المؤثرة ممن تسمي أنفسها أصدقاء للشعب السوري.
نحن نحتاج لموقف أخلاقي وسياسي من المجتمع الدولي يؤدي لإنهاء الكارثة في سوريا، الأمر الذي سيكفل وقف الفوضى بما فيها الأمنية، والقطع على تجارة المخدرات، وعودة اللاجئين الطوعية والكريمة، وإعادة إعمار البلاد، والسير نحو انتعاش اقتصادي لسوريا.
*ريما فليحان في سيرة ذاتية:
كاتبة و سيناريست وناشطة بحقوق الانسان منذ عام ٢٠٠٠ و نسوية سورية.
ممنوعة من السفر منذ عام ٢٠٠٧ إثر كتابتها ونشاطها الحقوقي. ساهمت بالحراك السلمي منذ بدايته عام ٢٠١١ وكانت الناطقة الرسمية للجان التنسيق المحلية في عامين ٢٠١٢ ،٢٠١٣.
كتبت بيانا من أجل اطفال درعا لفك الحصار المعروف بـ “بيان الحليب” في بداية الثورة وشاركت بالتظاهر والتنسيق بمظاهرات في السويداء و دمشق، وشاركت بمظاهرة بحي الخالدية بحمص.
اعتقلت بحي الميدان بمظاهرة المثقفين مع مجموعه من المثقفين وهي مظاهرة كانت من منسقيها، خرجت من سوريا إثر صدور ٣ مذكرات اعتقال بحقها من المخابرات السورية.
من مؤسسات اللوبي النسوي السوري وهي مديرته التنفيذية منذ ثلاثة أعوام.
شاركت بمفاوضات جنيف ٢ ونشطت بالعمل السياسي بعامين ٢٠١٢ و ٢٠١٣.
استقالت من الائتلاف الوطني السوري في ٢٠١٤بعد عام على تأسيس الائتلاف، وعملت في العمل الإنساني ودعم اللاجئين في الأردن والآن في أستراليا .
لديها أربعة كتب منشورة، وكتبت مسلسلات تلفزيونية وإذاعية وأفلام ومئات المقالات في المجتمع والسياسة وحقوق الإنسان.