داعش كصنيعة إيرانية
الاستماع للمقال صوتياً
|
بيروت – وايتهاوس
مقال الرأي بقلم يعرب صخر
يقول الفيلسوف فريدريك نيتشه: “من كان يحيا بمحاربة عدو ما، تصبح له مصلحة في الإبقاء على هذا العدو حياً”.
بمنظور المصلحة، وبمنظار النفعية، وبالدلائل الظرفية، ومن باب المحصلة النهائية للنتيجة والاستفادة منها، لا نغالي إن قلنا بشكل مباشر وبثقة أن داعش مصلحة ايرانية. داعش لا تيرز إلا كلما اشتد الخناق على إيران وتوابعها وتأزم وضعهم لصرف الأنظار عن شر بما هو أشر.. كيف ذلك؟
لقد ثبت وبالمنطق أعلاه وسياق النشاط والأحداث أن داعش ما هي إلا لتقديم وجه أسود لتشويه إسلام أصيل كي يفاضل الغرب ويفضل عليه إسلام الملالي الذي يتلطى تحت عباءته كسرى وتحت عمامته زرادشت.
نذكر أن إقدام أميركا أوباما ٢٠١٥ على إبرام الاتفاق النووي مع إيران، يأتي كمترتب على ظهور داعش ٢٠١٤ وسيطرتها بسرعة قياسية على ثلث العراق وخزائن الدولارات وترسانات الأسلحة الحديثة وبضعة آبار نفط، وكله بغضون يومين تحت أنظار لا بل بغض نظر مريب من القوات العراقية التي تلقت أمر المالكي دمية إيران بالانسحاب وإخلاء الساحات.
كذلك، لا ننسى كيف برزت داعش في اللحظة التي كادت فيها المقاومة السورية الوطنية تسيطر على الأرض في سوريا، فأخذت تحاربهم وتطلق النار عليهم من الخلف، وتنسحب داعش لحزبللا والشبيحة وقوات النظام في سوريا وينسحبون لها، تؤمن مرورهم ويؤمنون مرورها.
وحديثا” منذ شهرين، برز ما يسمى “داعش خراسان” بعد الإنسحاب الأميركي من أفغانستان وسيطرة طالبان على كابول وإمساكها بكل المقدرات والقرارات، ما أوجد قلقا” ايرانيا” بالغا” على حدودها الشرقية، فحضرت داعش خراسان لتضرب في أفغانستان.
لذلك، داعش ما خدمت غير إيران وأخواتها. وعليه؛ لا نغالي ان قلنا كذلك أنها صناعة إيرانية إسرائيلية بالتكافل والتضامن، حيث ضربت داعش في كل مكان، سوى في إسرائيل وإيران. قبلها وتزامنا”؛ إسرائيل هي التي سمحت بدخول حزبللا لدعم النظام السوري، ولما فشلت إيران واذرعها في ذلك، أتت داعش وخدمت الجميع، وبعد تغير الوضع الجيوسياسي والعسكري، ولا مبالاة الأميركي والتخاذل الإسنادي للعرب والخلاف القطري الخليجي… تيتمت المعارضة السورية واستفردت وشحت مواردها، فنشأت حالة خواء استراتيجي، ولأن الطبيعة لا تحتمل الفراغ، أتت روسيا لتملأ هذا الفراغ. نسجل هنا أن الأيام سوف تبرهن قريبا” أن مجيء الروسي هو الكابح الأبرز لتمدد إيران في سوريا على الأقل، برضى أميركي واسرائيلي لضبط إيران ضمن جغرافيا سياسية محددة، وهذا موضوع نتناوله لاحقا”.
وبعد كل استتباب أمر أو بعد كل هدوء، وكلما استراحت إيران وأخواتها في اي ساحة…تختفي داعش وينقطع خبرها، لكن سرعان ما تعود للبروز فجاة” غب الطلب كلما تأزم وضع إيران.
ولمن يقول أن إسرائيل تتناول فصائل إيران في سوريا ومناطق أخرى تقريباً اسبوعياً، وأن ذلك دليل ان إيران هي حامل القضية وأنها قلق إسرائيل الوحيد… نقول: ذلك هو عين التضليل، لأن الضربات الإسرائيلية لها هي تذكير لها للبقاء ضمن حدود اللعبة والدور المرسوم لها.
راهناً؛ ومع وصول المفاوضات الأميركية الإيرانية إلى نقطة الفصل، ومع تأزم وشحة أوراق وقلة حيلة إيران… ها هي داعش تطل برأسها من جديد، وها هي تضرب في الحسكة/سوريا و ديالى/العراق لتفرض نفسها بديلا” لا يرد في سوريا، ولاعبا” مؤثرا” في العراق… هكذا حدث في ٢٠١٤ وتولد عنه الإتفاق النووي وتقلبت الأمور في سوريا والعراق لصالح إيران وأخواتها بعد أن كاد النظام السوري ينهار… ولا يزال الأميركي ينحو بريبة نحو الدبلوماسية الناعمة (أوباما- بايدن) بدل الدبلوماسية الصلبة (بوش- ترامب).
ختاماً، عوداً على بدء، إذا كان لي أن أنتفع من شيء، فلي مصلحة في بقائه، ومصلحتي هذه تحتم علي تغذيته، فما بالكم إن أوجدت بالأصل هذا الشيء، ليكون خير هذا من شر ذا !