الاستماع للمقال صوتياً
|
خاص وايتهاوس ان أرابيك
يحكى أنه خلال الانتخابات الأخيرة في بريطانيا كان الجو العام في البلاد يتحدث عن ‘بريكست’ وخطة خروج بريطانيا من الإتحاد الأوروبي. وكان حزب المحافظين بقيادة بوريس جونسون، عمدة لندن السابق ووزير خارجية بريطانيا المعروف بغرابة أطواره وقصة شعره، كان يقود الحملة السياسية بشراسة بالدفع نحو ‘بريكست’. أما منافسه اليساري زعيم حزب العمال، جيريمي كوربن، كان مهتما أكثر بأمور العدالة الاجتماعية ولم يكن يهتم كثيرا لبريسكت. نصحه مستشاروه بتناول موضوع آخر لكي يتقرب من هموم الناس، ففكر مطولا وعاد بعد أسبوع وقال لهم: القضية الفلسطينية، فهي القضية الأقرب إلى قلبي.
وهكذا خسر كوربن الانتخابات لصالح الذي فهم كيفية استغلال الرأي العام علما أن مسيرة كوربن السياسية تجعل منه السياسي الأفضل لكن الجو العام البريطاني كان في مكان أخر تماما.
هكذا هي المعارضة في لبنان. في مكان آخر تماما عن الجو العام. الناس تتضور جوعاً وهم يتكلمون عن شعارات وجدانية. إستقلالية القضاء، دولة القانون، الجامعة اللبنانية وسلاح حزب الله في اليمن ومنهم فعلا من يتكلم عن تحرير فلسطين.
الجو العام في البلد هو معيشي بحت. الشعب يعيش في الدرك الأسفل من جهنم وجل ما يريد هو من ينقذه من ناره الملتهبة. ما يريده الشعب هو خطة إنقاذ واضحة تقودها مجموعة من الاقتصاديين والسياسيين أصحاب الاختصاص والكفائة لكيفية الخروج من الأزمة وليس شعارات فارغة.
خطة انقاذية ببند واحد فقط لا غير: خريطة طريق واضحة للتفاوض مع الصندوق النقد الدولي للخروج من جهنم.
تكون هذه الخطة مرتبطة بجدول زمني محدد مقسم على ٣ أجزاء كل جزء من ١٠٠ يوم. وتقوم هذه المجموعة كل ١٠٠ يوم بمصارحة الشعب اللبناني بحقيقة الأمور وإذا كان هناك أي تقدم في ملف الانقاذ المالي والاقتصادي أم لا. لا مجال للمراوغة والكذب، فنار جهنم التهمت الاخضر واليابس من حياة المواطن اللبناني. لا دولة ولا مدخرات ولا مستقبل.
يجب أن يكون هدف المعارضة من هذه الانتخابات الفوز بأكثرية المقاعد النيابية وتشكيل حكومة إنقاذية بيانها الوزاري من بند واحد: التفاوض مع الصندوق النقد الدولي.
اي كلام غير ذلك في هذه المرحلة هو مضيعة للوقت. ١٠، ٢٠ أو حتى ٣٠ مقعد نيابي لن يغيروا اي شيء في المعادلة.
ستعود قوى السلطة التافهة والفاشلة وتشكل حكومة توازنات سياسية طائفية مع ثلث معطل ويستمر الوضع على ما هو عليه اليوم.
من يملك الاكثرية في المرحلة المقبلة سيحكم. وإن لم تقضي المعارضة على مبدأ الديمقراطية التوافقية بانتزاع الأكثرية النيابية من السلطة الحاكمة، فأي عدد من النواب أقل من النصف زائد واحد هو بمثابة خسارة للمعارضة.