في مصلحة بقاء عدوك حيّاً!
الاستماع للمقال صوتياً
|
بيروت – خاص وايتهاوس
رأي بقلم يعرب صخر
ما كانت إسرائيل يوماً عدواً لإيران، والعكس صحيح، لا بالواقع ولا بالدين ولا بالجغرافيا ولا عبر التاريخ؛ بل كلاهما لبعضهما عدو افتراضي فقط على المنابر والخطب؛ ودوماً متكافلين متضامنين على العرب والأديان والأنبياء والرسل، ما جعل الشرق الأوسط – قلب العالم – منطقة حروب وعدم استقرار وبقعة لتصادم الدول والحضارات وتبديد الثروات. الحاضر يخبر والتاريخ يشهد منذ نبوخذنصر وقورش و زرادشت.
وفي كل مرة يتأزم وضع إيران وأذرعها وتثور ثورات شعبها المنتفض في داخلها ضد النظام القائم على الخرافة وكذا على بيئاتها الحاضنة لميليشياتها التي تعيث الفساد والخراب واللصوصية، تراها تستجدي وتستعطف تارة، وتهرب نحو التصعيد والرقص على حافة الهاوية تارة أخرى، وتتفنن في خلق الذرائع والمسوغات… ويا للعجب، ففي كل مرة، إسرائيل هي من يوجد الذرائع، بتوتير مماثل يصرف الأنظار عن أزمة إيران نحو مشغلة اخرى.
على مر عقدين لم يتحقق عبر كل الممانعات الصاخبة والمقاومات الإلهية إلا أمن إسرائيل نفسها التي تعيش أزهى ايامها، وكل بيئات هذه المقاومات تراها منحلة، متحللة، منقسمة، مفلسة، ينخرها الفساد، والدولة فيها في قمة فشلها وانحطاطها يديرها مرتزقة وأدوات في خدمة هذه الممانعات ’المنّاعة’ لكل خير أوتقدم أو استقرار.
دعكم من الصراخ وزخرف القول ورنين الشعارات والتهديد الفارغ والطبول الجوفاء… إن ما يفعل غير ما يقال، وما تحت الطاولة هو غير ما فوقها، وادهى وأمر… وكل ما ترونه هو عليكم وليس لكم…
تأملوا جيدا في الآيتين التاليتين، علكم تتعظون:
“ومن الناس من يعجبك قوله في الحياة الدنيا، ويشهد الله على ما في نفسه، وهو ألد الخصام. وإذا تولى سعى في الأرض ليفسد فيها ويهلك الحرث والنسل، والله لا يحب الفساد”.
الأمور محكومة بالنتائج: كلنا متقهقرون بزيف شعاراتنا الجوفاء، وإسرائيل وحدها، منذ ولدت هذه الممانعات، من يعيش بنعيم ومعها العطف الدولي كله.
وعلى وقع الاتفاق السعودي الإيراني المستجد برعاية الصين، يجب على القادة والرؤساء العرب فهم هذه الحقيقة بوقائعها. وعندما يفهم الساسة هذه الحقيقة، ويعي القادة تلك الثابتة باستشراف الماضي، عندها باستطاعتهم الإضاءة على المستقبل.
يقول الفيلسوف فريدريك نيتشه: “من كان يحيا بمحاربة عدو ما، ستكون له المصلحة في الإبقاء على هذا العدو حياً”.