ماذا يعني انضمام إيران لمنظمة شنغهاي
الاستماع للمقال صوتياً
|
WHIA- The Hill
رأي بقلم أحمد هاشمي*
ترجمة وتحرير مرح البقاعي
في تاريخ 4 يوليو، بينما كانت الولايات المتحدة تحتفل بعيد ميلادها الـ 247، كانت إيران تحتفي بميلاد نظام عالمي جديد متعدد الأقطاب، يهدف إلى استبدال النظام الحالي أحادي القطب بقيادة أمريكا.
ووصفت وكالة سبوتنيك الروسية للأنباء، وباللغة الفارسية، حدث دخول إيران إلى منظمة شنغهاي للتعاون (SCO) بأنه لم يأتِ توافقًا مع يوم استقلال أمريكا عن طريق الصدفة!
أصبحت إيران رسميًا تاسع عضو في هذه الكتلة الأمنية والاقتصادية التي تقودها الصين خلال القمة الافتراضية للمجموعة. وأشادت طهران بعضوية المجموعة باعتبارها إنجازًا لسياستها الخارجية والاقتصادية الموجهة نحو الشرق. ورحبت وسائل الإعلام الإيرانية بهذه العضوية باعتبارها خطوة ضد الهيمنة الأمريكية تنحو باتجاه تعزيز التعددية.
شكلت الصين وروسيا وإيران في السنوات الأخيرة كتلة سياسية وأمنية وعسكرية مناوئة للغرب، تسمى التحالف الثلاثي. والعضوية الكاملة لإيران في منظمة شنغهاي للتعاون ستؤدي إلى زيادة تعزيز مكانة تلك المجموعة.
وباعتبار الصين القوة الاقتصادية لهذه الكتلة الثلاثية غير الرسمية، فهي ستعمل على تعزيز اقتصاد الجمهورية الإسلامية المنكوبة بالعقوبات عن طريق شراء النفط الإيراني بطريقة غير مشروعة بخصم يصل إلى نسبة 25٪.
ومن المتوقع أن تقلل عضوية منظمة شنغهاي للتعاون من عزلة إيران الاقتصادية والدبلوماسية في الشؤون العالمية وأن تجعل العقوبات التي تقودها الولايات المتحدة ضد إيران أقل فعالية، ما بإمكانه أن يقوض نفوذ واشنطن في ممارسة المزيد من الضغط على إيران.
بكين هي الداعم الاقتصادي الرئيسي لموسكو في الحرب على أوكرانيا، حيث تعهدت بشراكة “بلا حدود” مع روسيا قبل وقت قصير من الغزو في فبراير من العام 2022، وهي تساعد في الحفاظ على اقتصاد روسيا في زمن الحرب. وقد أثار موقف الصين في هذا الصدد إدانة الاتحاد الأوروبي.
هذا ويواصل الحزب الشيوعي الصيني دعم الكرملين، ما يسمح باستمرار العدوان الروسي من خلال أن يكون أكبر شريك تجاري يقدم لموسكو شريان حياة اقتصادي.
بالإضافة إلى ذلك، تعد منظمة شنغهاي للتعاون مكانًا مهمًا لروسيا وإيران المتضررة من العقوبات لدعم بعضهما البعض. فالمنظمة ستعطي فرصة لروسيا وإيران للتخفيف من نتائج عقوبات الغرب.
نمت العلاقات الثنائية بين إيران وروسيا بشكل ملحوظ منذ أن غزت روسيا أوكرانيا في 24 فبراير 2022. وتقدم طهران لموسكو الدعم الدبلوماسي والعسكري، بينما تمنح روسيا إيران حاجاتها النووية وغيرها من التقنيات الأمنية والعسكرية المتقدمة.
علاوة على ذلك، تعد منظمة شنغهاي للتعاون منصة للأنظمة الاستبدادية لدعم بعضها البعض في قمع حركات التحرر أو التمرد المحلية. ففي 26 حزيران (يونيو)، في أعقاب ثورة مرتزقة فاغنر الخاطفة، اتصل الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي بنظيره الروسي فلاديمير بوتين وعرض “دعمه الكامل”. بالإضافة إلى ذلك، دعا قائد القوات المسلحة الإيرانية وزير الدفاع الروسي سيرجي شويغو لزيارة إيران خلال مكالمة هاتفية بينهما. وأخيراً قام قائد الشرطة الإيرانية في نفس الوقت بزيارة نادرة لموسكو.
منظمة شنغهاي للتعاون تأسست في عام 2001 من قبل الصين وروسيا، وهي مجموعة أمنية وسياسية أوروبية آسيوية تضم أيضًا الهند وباكستان وكازاخستان وطاجيكستان وأوزبكستان وقيرغيزستان وإيران التي انضمت حديثًا.
انضمام إيران إلى منظمة شنغهاي للتعاون من هذه الكتلة التي تقودها الصين يعتير تحديًا أكبر للأمن القومي والسياسة الخارجية للولايات المتحدة، إذ يتغير المشهد الجيوسياسي لصالح الصين، وتحتاج أمريكا إلى صياغة استراتيجية شاملة لعكس هذا التحول أو إبطائه.
ولمواجهة المد الصيني، تحتاج واشنطن إلى زيادة قدرات الردع التقليدية لديها، إذ يبدو أن رغبة الصين وقدرتها على الاستيلاء على تايوان بالقوة يتزايدان. في الوقت نفسه، تحتاج أمريكا إلى الانخراط من جديد، وليس تقليص الإنفاق. وقد يعني دخول إيران إلى منظمة شنغهاي للتعاون المزيد من الدور والتأثير الصيني في الشرق الأوسط وآسيا الوسطى.
هذا وتستند استراتيجية الصين حاليًا إلى تشجيع المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة ودول مجلس التعاون الخليجي الأخرى على خفض مستوى شراكتهم الاستراتيجية مع الولايات المتحدة والانضمام إلى المحور الصيني الروسي، حيث إيران تنضم عضوًا جديدًا.
كانت القمة الأولى بين دول مجلس التعاون الخليجي والصين في أواخر عام 2022 حدثًا بارزًا، وأيضًا جرس إنذار للولايات المتحدة. تحتاج إدارة بايدن إلى طمأنة إسرائيل ودول الخليج العربي وتركيا وأذربيجان وأصدقاء وحلفاء آخرين، بأن واشنطن لا تتراجع من المنطقة أو عن التزامها منذ أكثر من نصف قرن بضمان أمن الطاقة والتدفق الحر للنفط، ولاسيما عبر مضيق هرمز.
أخيرًا، تحتاج الولايات المتحدة إلى تعزيز تحالفاتها في المحيطين الهندي والهادئ، فللولايات المتحدة علاقات ثنائية وحلفاء في اليابان وكوريا الجنوبية والفلبين وأستراليا وتايلاند ودول أخرى في المحيطين الهندي والهادئ. كما أن تعاون الولايات المتحدة مع رابطة دول جنوب شرق آسيا (ASEAN) أمر بالغ الأهمية. بالإضافة إلى ذلك، فإن تحويل الحوار الأمني الاستراتيجي بين الدول الرباعية، التي تتكون من الهند واليابان وأستراليا والولايات المتحدة، إلى تحالف أمني رسمي شبيه بحلف شمال الأطلسي، من شأنه أن يرسل رسالة قوية في ردع المغامرات الصينية المستقبلية.
*أحمد هاشمي زميل باحث في معهد هدسون في العاصمة واشنطن.