البعد الاستراتيجي لانضمام السويد إلى حلف شمال الأطلسي
الاستماع للمقال صوتياً
|
واشنطن – وايتهاوس – وكالات
في أعقاب الهجوم الروسي على أوكرانيا وبداية تشكل ملامح حرب باردة جديدة في المنطقة، أولت دول حلف شمال الأطلسي وعلى رأسها الولايات المتحدة الأمريكية أهمية باتت متزايدة للموقع الاستراتيجي للسويد على الخريطة الغربية، خاصة.
لم تكن فكرة انضمام السويد وفنلندا إلى “الناتو” تحظى بتأييد كبير، شعبي على الأقل، لكن المستجدات التي تشهدها المنطقة عكست هذه القناعة ودفعت الكثيرين وفق استطلاعات للرأي إلى القول بضرورة تحصين بلدانهم واستباق أي تصعيد محتمل. في هذا السياق، تحول الرأي العام في الدنمارك مثلا من معارض لوجود أمريكي عسكري إلى نقاشات حول إمكانية تخزين أسلحة نووية، رداً على نقل موسكو لذلك النوع من الأسلحة إلى بيلاروسيا.
تاريخيًا، لم يُنظر إلى الجهود السويدية لحل تحدياتها الأمنية مع أنظمة التحالف – سواء كانت تتألف من دول داخل منطقة البلطيق أو خارجها – على أنها ناجحة. وقد نتج عن ذلك حياد مدجج بالسلاح كأفضل وسيلة لحماية السيادة الوطنية، خلال معظم فترة ما بعد الحرب الباردة التي دامت خمسة وعشرين عامًا تقريبًا، أدى عدم وجود تهديد روسي خطير إلى قيام السويد بتقليل دفاعاتها بشكل كبير وتوسيع أفقها الاستراتيجي إلى ما وراء بحر البلطيق.
ومنذ أن باتت روسيا تشكل تهديدا أمنيا رئيسيا في المنطقة على مدى العقد الماضي، مرت السويد بنقلة نوعية في عقيدتها العسكرية، إذ أصبح كل من بحر البلطيق والقطب الشمالي نقاطا محورية رئيسية لمسائل الدفاع والأمن. إذا انضمت إلى الحلف، من المرجح أن تجعل السويد هذا التركيز أولوية في اجتماعات الناتو، وتضيف صوتها إلى أولئك الذين يعتقدون أن الحلف يجب أن يتعامل أولاً وقبل كل شيء مع التهديد الروسي في هاتين المنطقتين المهمتين استراتيجيًا.
تضم القوات الجوية السويدية ما يقرب من مائة طائرة جريبن جيه أيه 39 متعددة الأدوار (وسويدي الصنع)، وتتميز بمتطلبات صيانة منخفضة وقدرات إقلاع وهبوط قصيرة. كما أن لديها قدرة محدودة على التزود بالوقود جوًا وسربًا من خمس طائرات نقل من طراز C-130. من الناحية العملية ، هذا يعني أنه على الرغم من أن القوات الجوية السويدية أصغر من نظيراتها الإيطالية أو الفرنسية ، إلا أنها تعتبر واحدة من أقوى القوات في أوروبا والعالم.
البحرية السويدة هي الأخرى وعلى الرغم من كونها أصغر الخدمات الثلاث، إلا أنها توظف غواصة غوتلاند التي تعمل بالديزل والكهرباء التي تم بناؤها محليًا، وهي واحدة من أكثر الغواصات تقدمًا في العالم وأول غواصة تتميز بنظام دفع مستقل عن الهواء. ما يزيد من قدرتها على التحمل تحت الماء من بضعة أيام إلى أسابيع.
أخيرًا، تعتبر السويد واحدة من الدول الأوروبية القليلة التي تسعى إلى قدرات هجومية إلكترونية. في هذا السياق، تهدف وزارة الدفاع الإلكتروني في مقر القوات المسلحة السويدية إلى بناء القدرات الإلكترونية السويدية بشكل كبير حتى عام 2025. وإذا كانت التدريبات الأخيرة تمثل أي مؤشر، فإن القدرات الإلكترونية السويدية هي بالفعل من بين أكثر القدرات تقدما في أوروبا.