حكومة مسرور البرزاني.. نجاحات تفوّقت على التحديات
الاستماع للمقال صوتياً
|
أربيل – خاص وايتهاوس
مقال الرأي بقلم علي البيدر
حتى اكثر المتفائلين, لم يتوقعوا أن تحقق الحكومة التاسعة لإقليم كوردستان كل هذه النجاحات في مرحلة أقل ما توصف بأنها الأصعب على البلاد والمنطقة وربما العالم أجمع .
فالمناخ السياسي العام في العراق لم يكن مهيئًا لإجاح أي تجربة تواجه كل هذا الكم من التحديات. فضلًا عن واقع الإقليم المليء والمحاط بجملة من التعقيدات السياسية والمواقف التي تصب خارج مصلحة هذه الحكومة.
فالبرزاني مسرور يحاول الحفاظ على إرث عائلي عريق من النضال والكفاح يجبره على البقاء في دائرة القيم والمبادئ التي انتهجتها عائلة البارزاني، في مقابل ذلك يتطلب منه موقع المسؤولية تحقيق جملة من النجاحات مقرونة بأداء حكومي لا يحيد عن نهج العائلة الثابت.
هذا الأمر بحاجة إلى تحقيق توازن حذر يصعب إنجازه في هكذا مناخ معقد . وبرغم كل الصعوبات، نجحت حكومة البارزاني في خلق منجزات كبيرة وكثيرة غيرت من واقع الإقليم وجعلته البقعة الأكثر ازدهارًا، ليس على مستوى البلاد فحسب، وإنما على مستوى المنطقة برمتها.
فما بين العاشر من تموز 2019 والعاشر من نفس الشهر لعام 2023 تبدأ قصة نجاح الحكومة الـ 9 للإقليم بمواجهة أولى التحديات المتمثلة بديون تجاوزت حاجز الـ 30 مليار دولار، إضافة إلى علاقة شائكة مع المركز تتعلق بسياسية الإقليم النفطية وتفاصيل كثيرة، فضلًا عن معضلة جائحة كورونا التي لم تكن في حسبان الجميع. علاوة على مشاكل بين الحزبين الرئيسيين (البارتي واليكتي) واخرى مع احزاب المعارضة داخل الإقليم، كل ذلك أدى إلى قطع الموازنة المخصصة للإقليم، الأمر الذي بات يهدد استمرارية هذه الحكومة المحاصرة بكمية من الأزمات لا يمكن تجاوزها وفق الامكانيات المتاحة.
لكن إرادة وإصرار رئيسها كانتا اكبر من جميع المعرقلات حتى ضربت مثلًا يحتذى به في النجاح. اليوم بات إقليم كوردستان محطة رئيسية للتقدم والازدهار بفضل سعي حكومته لتطبيق اهدافها ابتداءً من السياسة وصولًا إلى الاقتصاد وليس انتهاءً بالمشاريع الثقافية والتربوية والرياضية والانسانية بعد أن أصبح الإقليم يمثل واحة للتعايش السلمي كونه يحتضن الكثير من القوميات والطوائف والمذاهب إلى جانب سكانه الأصليين من القومية الكوردية .
كثيرة هي النجاحات المتحققة لحكومة البارازني التاسعة، لكن يمكن تلخيصها بالآتي:
سياسيًا : تمكنت حكومة الإقليم من تهدئة الأجواء الداخلية التي انتجتها تحركات بعض التيارات الحزبية ذات المواقف المتشنجة، وهذا ما منحها مساحة للتحرك نحو إنهاء الخلافات المتوارثة مع بغداد في فترة قياسية، ليكون الواقع السياسي داخل كوردستان في افضل حالاته اليوم. ففي إطار سياستها لحل المشاكل العالقة مع المركز والحفاظ على حقوق الإقليم ومستحقاته الدستورية، بذلت حكومة البارزاني جهودًا إستنثانية لحل المشاكل , ولطالما اجرت وفودها زيارات إلى بغداد سعياً للحوار والتوصل إلى حل بموجب الدستور، ولا تزال جهودها مستمرة بهذا الصدد.
دبلوماسيًا : لا يمكن تجاوز الدور الدبلوماسي لحكومة الإقليم وتأثيره في رسم سياسة المنطقة، حيث عملت الحكومة التاسعة على توطيد علاقاتها مع المحيطين الإقليمي والعربي، بل ذهب إلى خلق أفضل العلاقات مع الدول الاوروبية وذات التأير العالمي منها، من خلال تبادل الزيارات والتواجد في المحافل والمؤتمرات الإقليمية والدولية لطرح موقف الإقليم ورؤيته إزاء الاحداث التي تشهدها المنطقة .
اقتصاديًا: نجحت الحكومة في تنويع الاقتصاد ومصادر الدخل عبر تنفيذ قانون الإصلاح، وزيادة الإيرادات الداخلية الامر الذي ادى إلى تسديد بعض من الديون الحكومية دون اللجوء إلى خيار الاقتراض . إلى جانب الحد من الفساد، وهدر الإيرادات العامة وإساءة استخدام السلطة . كما ان النجاح الاقتصادي الابرز لهذه الحكومة يتمثل في تأمين رواتب موظفيها بنسبة 100 بالمئة في ظل تحديات مالية جسيمة .
أمنيًا: إن الإصلاحات المتحققة داخل المؤسسة الامنية لهذه الحكومة جعلت مدن إقليم كوردستان الافضل على مستوى البلاد والمنطقة من الناحية الامنية برغم الازمات الامنية المحيطة بها، فلا وجود لعصابات الجريمة المنظمة في الإقليم، أضافة إلى انخفاض نسبة الحواداث الامنية بفضل الخطط الإستباقية المتعبة وجهودها في محاربة الإرهاب والمتاجرين بالمواد المخدرة، والاهتمام بالقضاء ودعمه في تطبيق القوانين . كما جرى إطلاق حملة كبرى للقضاء على الأسلحة غير المرخصة.
إداريًا: نفذت الحكومة التاسعة للإقليم برنامجًا إصلاحيًا في مجال الإدارة عبر إطلاق خدمة الحكومة الإلكترونية وتأسيس مركز بيانات حكوميًا ونظام رقمي للإحصاء في الإقليم. إضافة إلى تخفيض نسبة البيروقراطية في الدوائر والمؤسسات الحكومية، بما يشمل توزيع الصلاحيات ونقل الخدمات من مراكز المحافظات إلى مستوى الأقضية والنواحي.
خدميًا: يمثل إقليم كوردستان النموذج الأفضل لتقديم الخدمات إلى قاطنيه على مستوى البلاد والدول المجاورة، حيث يزخر بالعديد من المشاريع الإستراتيجة للبنى التحتية على المستوى الخدمي من طرق ومباني ومنشآت، إذ بلغ عدد المشاريع التي نفذت خلال الاربع سنوات 3425 مشروعًا بتكلفة وصلت إلى ما يقارب 13 ترليون دينار عراقي , وتلك ارقام تفوق التصور في ضوء التحديات والمشاكل التي اشرنا اليها, كما خصصت هذه الحكومة الكثير من مواردها لإصلاح الشوارع وتأهيلها وإنشاء الجديدة منها والتي باتت تنافس الطرق العالمية في تصميمها واستيعابها للمواطنين.
تنمويًا: أستطاعت حكومة الإقليم وفي ظروف صعبة من تنفيذ برامج تنموية جعلت المواطنين لا يعتمدون على القطاع العام في الحصول على فرصة عمل بعد النجاحات المتححقة في مجالات الصناعة والاستثمار والزراعة، أدت إلى تحقيق الإكتفاء الذاتي وتصدير الفائض من مختلف المنتوجات إلى خارج البلاد لأول مرة . كما حققت هذه الحكومة منجزات كبيرة واستراتجية لتوفير الامن الغذائي والمائي عبر إنشاء السدود والبرك المائية . إضافة إلى ذلك، فإن الجهود الحكومية استطاعت زيادة الإمدادات الكهربائية وإضافتها إلى الشبكة الوطنية واستخدام الطاقة الشمسية والغاز المحترق والمصادر التي تقلل من سعر إنتاج الكهرباء .
تعليميًا: يتمتع إقليم كوردستان بنظام تعليمي متكامل على مستوى المناهج والبنى التحتية الذي عززته الحكومة التاسعة من خلال زيادة الدعم لهذا القطاع الامر الذي ادى إلى تأهيل وبناء العديد من المدارس والمنشآت التعليمية وتطوير التعليم عبر الإنترنت وتوسيع العلاقات الأكاديمية والتعليمية بين حكومة إقليم كردستان والدول الأخرى، إضافة إلى تأسيس هيئة اعتماد مؤسسات ومناهج التربية والتعليم العالي في الإقليم .
إضافة إلى كل ما ذكر, فان إصرار الإقليم قيادةً وحكومةً ومؤسسات على أن يكون مركزًا حيويًا في المنطقة برمتها دخل حيز التنفيذ وهو اليوم يمثل قبلة لكل الباحثين عن التقدم والإزدهار في مختلف مجالات الحياة.