عن مثقف السلطة ومثقف الثورة
سوريا – وايتهاوس
حوار خاص مع المحامي السوري محي الدين لالا
أجرى الحوار أسامة الخلف
يعرّف المحامي السوري “محي الدين لالا” المثقف في الثورة السورية ضمن ثلاثة معايير: مثقف السلطة وهو المستلب بفعل استبداد قوى الأمر الواقع، والمثقف الأكاديمي وهو غالباً المغترب عن نبض الشارع، أما النوع الثالث فهو مثقف الثورة أو مثقف المجتمع، وهو بالضرورة سيكون ضليعاً في مناقشة قضايا المجتمع، وهو مثقف عضوي بحسب أنطوني غرامشي، بل وهو الركيزة التي تقوم عليها نهضة المجتمع وإعادة صياغة منهجية تفكير جديدة للمواطن ليستعيد نفسه المستلبة من قبل السلطة لما كان عليه قبل العام 1963 وانقلاب حزب البعث.
مشكلتنا مع مثقف السلطة وعلى سبيل المثال “نبيل فياض” أنه يرى المجتمع من خلال نظارات السلطة وإطارها، ويتكلم عن إجرام داعش والفصائل العسكرية المتطرفة الأخرى لكنه لا يتكلم عن إرهاب الدولة المنظم وأجرام النظام من خلال الاعتقال التعسفي والقتل تحت التعذيب واستخدام السلاح على التجمعات السكنية وهو اختراق لاتفاقيات جنيف الأربعة الخاصة بالحرب وهي ترقى لجرائم ضد الإنسانية.
ويتابع المحامي لالا: وترى مثقف السلطة صامتاً صمت القبور، يركز بناحية واحدة وهي وجهة نظر السلطة، ومهمته تقتصر في أن يضفي قدسية على أفكار الحاكم. يحضر هذا النموذج في الكاتب والمعلم والفنان، وأبرز مثال له في عالم الفن هو دريد لحام. مثقف السلطة يقوم بشرعنة أفكار الحاكم وحسب بمعزل عن أهميتها وقدرتها على تطوير المجتمع وهو يسوّق لها بينما يحولها الحاكم إلى قوانين نافذة يمليها على المجتمع ولو كانت مضادة لحاجات الناس وسبل عيشهم.
أما المثقف الأكاديمي، بحسب المحامي محي الدين لالا، فهو يعيش الاغتراب عن المجتمع ويتكلم بنظريات فلسفية، وقد يكون إصلاحياَ في بعض الحالات. إنه ببساطة يحفر أفكاره ونظرياته ضمن قوالب وجدران معزولة عن أرض الواقع .
المشكلة عند المثقف الأكاديمي هو انحباسه ضمن النظريات ودفات الكتب بعيداً عن وجع الناس ومعاشهم اليومي. وفي حين أنه لا يقرب من السلطة ولا يتعامل معها، إلا أنه، وعن غير قصد، يخدم أهدافها في كونه لا يساهم بدوره الحيوي في تغيير نمط التفكير السائد في المجتمع وتنويره، وما أكثرهم ضمن صفوف المعارضة السورية.
ينقل عن أنطوني غرامشي و يعرف لالا النوع الثالث من المثقفين بالــ مثقف العضوي وهي فئة في كل طبقة من المجتمع وينفي عنها الحالة البرجوازية , فقد يكون النجار مثقف , ودكتور أكاديمي غير مثقف لأنه عزل نفسه عن المجتمع لم يؤثر فيه ولم يغير نمط تفكيره.
يذهب المحامي لالا بكلامه نحو إدوارد سعيد حيث تعريف المثقف العالمي، أو بالمعنى المثقف الذي لا تختزله سلطة ولا يؤدلجه حزب ولا ينعشه تصفيق جمهورـ بمعنى أصح كلام هذا المثقف قد يكون مقلق للسلطة ومعكر للصفو و للرأي العام لأنه يعكس ألم المجتمع ولا يهمه الجمهور ومدحه، ما يهمه أن يعكس وضع المجتمع بكل آلامه، وهو المثقف الثوري الذي نحتاجه بوقتنا هذا، هو الذي ينتقد النظام بإجرامه وكل ماارتكبه بحق الشعب وكيف أنهى إنسانية الإنسان وحوّل الشعب إلى رعية وعبيد.
للمزيد من التفاصيل يمكنكم الاستماع إلى الحوار بأكمله في فيديو مسجل صوتياً أعلاه.