آخر التحديثاتأبرز العناوينحدث اليوم

المنطقة الرمادية في حرب روسيا على أوكرانيا

الاستماع للمقال صوتياً

تقرير ريهام الحكيم – وايتهاوس إن أرابيك

لا يزال البعد العسكري التقليدي للعدوان الروسي على أوكرانيا وحاجة كييف إلى المساعدة الدفاعية الغربية هو المسيطر على حوارات الخبراء.

ولو كانت العمليات الهجينة أو عمليات “المنطقة الرمادية” قد لاقت اهتماما أقل، لكنها  ظلت  عنصرا أساسا في الحرب الروسية في أوكرانيا. فعمليات الترحيل القسري للأوكرانيين، ومنحهم جوازات سفر روسية في الأراضي المحتلة حديثا، والهجمات على البنية التحتية الحيوية، وعمليات التضليل – هذه وغيرها من العمليات الرمادية تتوافق تماما مع استراتيجية الكرملين. إهمن يهدفون إلى كسر إرادة أوكرانيا في المقاومة وتسميم ثقة الناس في حكومتهم ووسائل الإعلام المستقلة والمؤسسات الديمقراطية الأخرى.

لكن النهج الروسي لم يحقق نجاحا يُذكر حتى الآن، بل أثبت أن أوكرانيا بعيدة كل البعد عن كونها الدولة الفاشلة التي تصورها دعاية الكرملين لسنوات، وأن قيادة البلاد قادرة على الحكم بفعالية حتى في زمن الحرب.

لم تيأس موسكو أو تتخلى عن هدفها الرئيسي لغزو أوكرانيا، وتسخر موسكو امكانيتها ومواردها لتحقيق هذا الهدف الإمبريالي، وهو ما يمثل تحديا كبيرا للحكومة الأوكرانية وكيفية إنجاز نجاحات في المجالات الغير عسكرية، وأثبتت الحكومة الأوكرانية أنها قادرة على حكم البلاد بفعالية في زمن الحرب.

أوكرانيا وبمؤسستها الديمقراطية تتميز عن روسيا التي يحكمها نظام إستبدادي، وهو ما مكن أوكرنيا من تلقي دعما وتعاطفا على مستوى العالم. ولعل الحرب السائدة الآن بين البلدين ستكون حافزا لمزيد من تقوية مؤسسات الحكم في أوكرانيا، والتركيز على الإصلاحات الديمقراطية كجزء من تماسك المجتمع الأوكراني في مواجهة الهجمات الروسية.

وقبل فترة وجيزة، عادت روسيا إلى الهجمات الإرهابية ضد المدنيين، وشن الجيش الروسي ضربات صاروخية ضخمة وهحمات بالطائرات بدون طيار على محطات الطاقة، بالتزامن مع هجمات إلكترونية على البنية التحتية للإتصالات والحكومة المحلية.

في ديسمبرالماضي، أفاد جهاز الأمن الأوكراني بوجود أكثر من 4500 هجوم إلكتروني منذ بداية الحرب الشاملة. تهدف روسيا إلى إصابة السكان في المدن الأوكرانية بصدمة نفسية من جراء نقص الكهرباء، والأزمات المالية والرقمية وتعطل وسائل المواصلات و نقص الرعاية الصحية، بالإضافة لحرمان السكان من الانترنت والخدمات الأساسية الأخرى.

و يراهن الكرملين على كسر إرادة الأوكرانيين في المقاومة وإجبار الحكومة على الجلوس إلى طاولة المفاوضات.

كما تهدف روسيا إلى نزوح أعداد جديدة من اللاجئين إلى الإتحاد الأوروبي من خلال حملة القصف المكثفة، والتي تسببت في ترك ملايين الأشخاص بدون تدفئة وكهرباء وماء في الشتاء. ولكن المهندسين الأوكرانيين نجحوا في إصلاح شبكات الكهرباء المتضررة، بالإضافة للدعم الغربي، حيث زودت الدول الأوربية كييف بمعدات لإصلاح محطات الطاقة وشبكات الكهرباء المتضررة. وعلى الصعيد العسكري، تم تزويد أوكرانيا بأنظمة دفاع جوي وأنظمة دفاع صاروخي حديثة.

وفي فبرير الماضي، أظهرت إستطلاعات الرأى بأن 90 % من الأوكرانيين ما زالوا يؤمنون بإنتصار أوكرانيا في ساحة المعركة، وانهم يرفضون أي تنازلات إقليمية لروسيا لإنهاء الحرب، تلك الروح المعنوية العالية للسكان والإرادة العالية لمقاومة العدوان، هى العناصر الحاسمة في نجاح الصمود الذي تبنته أوكرانيا.

زر الذهاب إلى الأعلى