خزانة الولايات المتحدة حين تنتصر لحق الشعب اللبناني
بقلم آرابيل بربير – خاص وايتهاوس ان أرابيك
الاستماع للمقال صوتياً
|
أصدر البيت الأبيض في تاريخ 6 كانون الأول/ ديسمبر مذكرة رسمية تحت عنوان “استراتيجية الولايات المتحدة لمكافحة الفساد”. استندت المذكرة على محاور خمسة أساس هي: تحديث جهود الولايات المتحدة وتنسيقها وتزويدها بالموارد لتحسين مكافحة الفساد؛ والسيطرة على مصادر التمويل غير المشروع؛ ومحاسبة الفاعلين الفاسدين؛ والعمل على بناء هيكيلية متعددة الأطراف لمكافحة الفساد وتعزيزه؛ وأخيراً تطوير سبل المشاركة الدبلوماسية والاستفادة من موارد المساعدة الخارجية لتعزيز أهداف السياسة الأميركية، ويركز هذا المحور بشكل خاص على متابعة مجريات الفساد العابر للحدود وتحديد أبعاده وتداعياته.
تعتبر مكافحة الفساد في الوقت الراهن في صميم الأولويات والمصالح العليا التي تتعلّق مباشرة بالأمن القومي للولايات المتحدة، بما في ذلك المشاركة النشطة والمتواصلة في مكافحة عمليات غسل الأموال ومنع تمويل الإرهاب لحماية الأنظمة المالية من الجهات الإرهابية الخارجة على الدولة والشبكات الإجرامية، وذلك على الصعيدين المحلي والدولي.
في واقع الأمر، سعت وزارة الخزانة الأميركية بتصميم ومواصلة في العمل لمتابعة تدفّق أموال الإرهابيين وكشف الشبكات الإرهابية في الداخل الأميركي وحول العالم، وذلك على النحو الذي أوصت به لجنة 11 سبتمبر وخططها لمكافحة الإرهاب الدولي إثر الهجمات الإرهابية على الأراضي الأميركية.
وفي تاريخ 16 كانون الأول/ديسمبر من العام 2021، عقد وكيل وزارة الخزانة الأميركية لشؤون الإرهاب والاستخبارات المالية، بريان نلسون، لقاءً افتراضياً مع جمعية مصارف لبنان. وحذّر نلسون خلال اللقاء من تسهيل أعمال الشبكات الإرهابية المحلية والإقليمية باستخدام النظام المالي اللبناني لتسهيل وتمكين ثقافة الفساد، وتأجيج الفوضى وعدم الاستقرار في لبنان وإشعال المزيد من الصراعات في الجارة سوريا.
وشدّد وكيل الوزارة بشكل واضح على المخاوف التي تنتابه بشأن “غياب المعايير الواجبة على البنوك اللبنانية، وعليها أن تراعيها وتطبقها لتحديد هوية الأشخاص المعرّضين سياسياً لعمليات الفساد” كما صرّح خلال اللقاء. وطالب نلسون البنوك اللبنانية بتبنّي نهج قائم على اتخاذ الإجراءات اللازمة لمعالجة الحالات الخطرة، وذلك لمنع عمليات تمويل الإرهاب من التسلل والعبور إلى النظام المالي اللبناني، ويكون ذلك من خلال التطبيق الصارم للقانون اللبناني لمكافحة غسل الأموال الصادر في العام 2015، والذي أنشأ بناء على مادته رقم 6 “هيئة التحقيق الخاصة” .
مما لا شك فيه أن غياب الضوابط المحلية وإفلات الفاسدين في لبنان من العقاب هو ما دفع وزارة الخزانة الأميركية إلى سلسلة العقوبات المالية، وكذا إلى تسمية الأفراد والجماعات اللبنانيين (بما في ذلك السياسين) المتورطين في عمليات الفساد ونقل الأموال غير المشروع، وذلك بهدف حماية الولايات المتحدة والأنظمة المالية الدولية وفقاً للمادة 311 من قانون باتريوت الأميركي.
ونظراً للزيادة الهائلة في معدلات الفقر وانهيار كل من القطاعين العام والخاص في العام الماضي في لبنان، يتعيّن على أصحاب المصلحة الأساسية من اللبنانيين مجتمعين التحلّي بالحس والالتزام الوطني في ضرورة مشاركة معلومات مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب مع الشركاء الدوليين والإقليميين، بما في ذلك صندوق النقد الدولي، والبنك الدولي، وكذلك مجموعة العمل المالي لمنطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا.
أصحاب المصلحة الحقيقيين من الشعب اللبناني هم وحدهم القادرون على المضي في هذا المسار الإصلاحي المستعجل، وهو المسار الوحيد الذي سيمنع المزيد من الانهيارات في لبنان باعتباره أصبح مصنفاً “دولة فاشلة” بحكم الواقع.
إنها الروح العالية للبنانيين الناجين من حروب متتالية عاشوا فظائعها، وإنه تصميمهم على مواصلة السعي لتحقيق العدالة الاجتماعية والمساءلة، وإنها أيضاً رعاية واهتمام المجتمع الدولي التي تأتي في مقدمتها برامج المساعدة الأميركية ودعمها المستمر للجيش اللبناني؛ هي مجتمعة من سيعطي الأمل للشعب اللبناني بأنه لن يفقد وطنه مرة أخرى ويقدّمه لقمة سائغة لوحش الإرهاب.
*ترجمة هيئة تحير وايتهاوس ان أرابيك نقلاً عن النص الانكليزي الأصلي