العراق.. حضور بارز في قمة جدة
الاستماع للمقال صوتياً
|
خاص وايتهاوس ان أرابيك من مكتب بغداد
بوابة العراق
تمكن رئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي، من إثبات دور بلاده الريادي في منطقة الشرق الأوسط، عبر سياسة الاتزان ومدّ جميع الحبال إلى الأفرقاء السياسيين في الجوار والمنطقة، وهو ما مكّنه من كسب ثقة صانعي القرار في الدول المحيطة، وكذلك الولايات المتحدة، ما يجعل العراق يعيش أبرز لحظاته في الحياد.
ينعكس ذلك بشكل جلي، من خلال المؤتمرات والقمم والوساطات التي أجراها، بعد تسلمه رئاسة الحكومة، عام 2020، حيث انطلق من رؤية واضحة، قوامها، “تصفير” المشكلات، التي ورثها العراق، نتيجة السياسات الكارثية، لرؤساء الحكومات السابقة، خاصة في فترة 2006 – 2014 -.
واستضاف العراق العام الماضي، مؤتمر بغداد للتعاون والشراكة مع قادة الأردن، والإمارات العربية المتحدة، وفرنسا، وقطر، والكويت، ومصر، وتركيا، وإيران، والمملكة العربية السعودية، حيث تناول هذا الحدث الهام، قضايا الأمن، والاقتصاد، والبيئة، والمبادرات المشتركة، حيث انطلق من الدور الإيجابي الذي يقوم به العراق.
وتأتي قمة جدة، لتعزز دور العراق في السياسة الخارجية، وقوته كبلد محوري، استطاع جمع الخصوم، على مائدة واحدة، مثل المفاوضات التي انطلقت في بغداد، حيث عقدت في الأشهر الأخيرة 5 جولات من المحادثات بين مسؤولين إيرانيين وسعوديين بالعراق، الذي يشترك في حدود مع البلدين.
وفي ختام الجولة الخامسة من المفاوضات في أبريل/نيسان الماضي، قال الكاظمي إنه مقتنع بأن “التفاهم بات قريبا” بين الرياض وطهران؛ القوتين اللتين تتهم كل منهما الأخرى بزعزعة استقرار الشرق الأوسط.
في قمة جدة، تلقّى العراق دعوة رسمية من الملك سلمان بن عبد العزيز للمشاركة، حيث ستبحث في قضايا التحديات والأزمات التي تواجه دول المنطقة والعالم، بمشاركة قادة دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية، فضلاً عن قادة مصر، والأردن، والولايات المتحدة الأمريكية.
أبرز تلك التحديات التي يواجهها العالم والمنطقة، بشكل خاص، هي الطاقة، والأمن الغذائي، والتحديات البيئية، والتنسيق المشترك.خلال الأشهر الماضية، واجهت الساحة الإعلامية في العراق، سيلاً من التقارير المضللة، عن قمة جدة، بأنها تسعى إلى إطلاق مرحلة جديدة من التطبيع من إسرائيل، وتليين الموقف بين تل أبيب وبغداد، وهو ما فنّده الكاظمي، الذي قال إن “الأحاديث عن أهداف القمة هي محاولة للتشويش، ولا صحة لها إطلاقًا، وهي محاولة لإبعاد العراق عن الدور البارز الذي يلعبه في المنطقة، وأن تقوم هذه الحكومة بمهامها في خدمة الشعب، وجلب الاستثمارات والدعم لصالح العراق”.
وقال الكاظمي: إن “موقف العراق من القضية الفلسطينية ثابت وواضح، ونحن لسنا ضمن أي محور أو تحالف في المنطقة، والعراق يحافظ على سياسته المتوازنة مع جيرانه ومحيطة منطلقًا من مبادئه الوطنية والإنسانية”.
تعتمد الفصائل المسلحة، وأجنحتها الإعلامية الموالية لإيران على خطاب التخويف من المحيط العربي، وتوجيه الاتهامات بالتطبيع مع إسرائيل، ضمن سياسة ممنهجة، لتسقيط الخصوم، وإظهارهم على أنهم يخالفون القرار الرسمي العراقي، بشأن التعامل مع ملف فلسطين وإسرائيل.
وكان البرلمان العراقي أقرّ مؤخراً، قانون “تجريم التطبيع مع إسرائيل” بدعم من رجل الدين الشيعي مقتدى الصدر.
سياسة عزل العراق
وينطلق الكاظمي من رؤية إمكانية استعادة العراق دوره المحوري، في المنطقة، سواءً عبر التقريب بين وجهات النظر، أو تثبيت الاستقرار، ومنع المخاطر المحتملة على دور الجوار، في ظل امتلاك مجموعات مسلحة طائرات مسيرة، وأسلحة يمكنها أن تهدد الدول الإقليمية.
وقال الكاظمي، للصحفين: “كانت هناك عزلة واضحة للعراق في علاقاته الخارجية، وقد عانى منها منذ فترة طويلة، وبسبب السياسات الخاطئة عزل العراق نفسه عن العالم؛ وانعكس ذلك على الكثير من بناه التحتية، على التعليم والمجتمع، وانعكست في حروب وعقوبات دفع ثمنها المواطن العراقي، وبعد عام 2003 استمرت سياسة العزل لأسباب عدة، والحمد لله نجح العراق أن ينهي العزلة، وأن يأخذ العراق دوره الطبيعي في علاقاته مع دول المنطقة والعالم”.
ويضيف: “نعيش اليوم في عالم مختلف ليس على مستوى التطورات التكنولوجية فقط، بل على مستوى طبيعة الإدارة والسياسة للحكومات، فأصبحت العلاقات والمصالح المشتركة هي التي تقدم مشاريع لمعالجة البطالة، والتصحر، والبيئة، ومثل هذه المشاريع بحاجة إلى التعاون مع الآخرين؛ لذلك كان التوجه للانفتاح على العالم؛ ليتحول العراق سريعًا من عضو معزول عن العالم إلى عنصر فعال في العلاقات، ومن هذا المنطلق أقمنا مؤتمرات في بغداد، ووساطات بين أكثر من دولة في العراق نجحت أغلبها”.