بايدن في بيت لحم: الصحة طريقاً إلى الدولة؟
كتبت مرح البقاعي - رسالة المحرّر
الاستماع للمقال صوتياً
|
يتمتع صانع القرار الأميركي بدينامية واسعة الطيف تتّخذ من مبدأ Checks and Balances ، أي التقييم ثم التقويم، نهجاً يساعد الإدارات المتعاقبة على إعادة قراءة قراراتها بعيون المصالح القومية العليا بهدف تصويب المسار كلما اعتراه خللاً أو انحرافاً عن المستوى المطلوب لحماية هذه المصالح التي تصب في الأمن القومي للبلاد.
الرئيس الأميركي، جورج بايدن، لم يخرج عن هذا النهج وهو السياسي المخضرم الذي قضى نصف قرن من عمره في معاقرة ومعاينة السياسات الأميركية في مواقع القرار التي تبوأها في الإدارات المتعاقبة، جمهورية كانت أم ديمقراطية. وبناء عليه، أعلن بايدن ومن العاصمة الاسرائيلية تل أبيب اليوم أن إدارته ارتكبت خطأ بالانسحاب من الشرق الأوسط وتركت الفراغ لتملأه روسيا والصين و قال “نحن نعود اليوم إلى الشرق الأوسط ونصحح هذا الخطأ”.
جاء تصريح بايدن هذا قبيل وقت قصير من انتقاله ووفده الرفيع المرافق إلى مدينة بيت لحم ليجتمع مع الرئيس الفلسطيني، محمود عباس، ثم ليغادر متوجهاً من تل أبيب إلى مدينة جدة السعودية في رحلة سلام ورأب للصدع الذي سببته إدارة بايدن بين العاصمتين واشنطن والرياض.
وفي محطته الأخيرة على الأراضي الفلسطينية أعلن بايدن عن تقديمه مبلغ 100 مليون دولار لدعم المشافي في القدس الشرقية، لتكون هذه الوديعة الأميركية الإنجاز الأبرز لزيارة بايدن للسلطة الفلسطينة، بينما كان قبل ساعات فقط قد أكد في تل أبيب أن حل الدولتين، فلسطينة واسرائيلية، هو الأفضل لضمان الاستقرار والازدهار والسلام الدائم للشعبين الفلسطيني والاسرائيلي في آن. وقد حث في الوقت عينه اسرائيل على توفير الدعم والتسهيلات للمشافي في القدس الشرقية ما سيمهّد برأيه الطريق لبناء السلام الشامل والسير باتجاه الدولتين اللتين تتعايشان وتعيشان جنباً إلى جنب باحترام وأمن.
كما وعد الرئيس الأميركي بتقديم 250 مليون دولار لدعم وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين “أونروا” التي تقدم الخدمات لعشرات الآلاف من الفلسطينينن من قاتني المخيمات، بعد أن كانت المنظمة الأممية قد واجهت أزمة مالية غير مسبوقة وشارفت في أواخر العام الفائت على الانهيار المالي نتيجة قرار رئيس الولايات المتحدة الأسبق، دونالد ترامب، وقف التمويل الأميركي لها بالكامل.
في محطته ما بعد السلطة الفلسطينة، يصل الرئيس الأميركي إلى الأراضي السعودية مباشرة من تل أبيب، فاتحاً المجال الجوي بين البلدين لأول مرة، ومفتتحاً له أمام تطبيع سماوي مبدأي للعلاقات قبل التطبيع على الأرض الذي له شروط محددة من طرف السعودي كانت قد طرحته في مبادرتها للسلام التي أعلنتها في العام 2004.
رسائل الرئيس بايدن في عودته الميمونة وبقوة إلى المنطقة هي في غاية الوضوح، ولاسيما الرسالة الفلسطينية التي تطرح مبدأ الدولتين ولكن لا تضع الآليات اللازمة للمضي في هذه الصيغة، اللهم إللا إذا اعتبر بايدن أن الطريق لبناء الدولة الفلسطينية المستقلة والسيدة على أرضها يمرّ عبر مشفى أوغستا فيكتوريا في القدس الشرقية وليس عبر المؤسسات السياسية المعنية!