المنشّطات الديمقراطية لمكافحة الاستبداد (قمة السبع)
الاستماع للمقال صوتياً
|
مرح البقاعي
رسالة المحرّر
انضمت إلى قادة مجموعة السبع في اليوم الأخيرمن قمتهم المنعقدة في مقاطعة بافاريا في الجنوب الألماني، قيادات دول الأرجنتين والهند وإندونيسيا والسنغال وجنوب إفريقيا، وذلك لإصدار بيان يشدّد على الأهمية التي تمتلكها حالة المرونة التي تتمتع بها الأنظمة الديمقراطية.
أصدر المجتمعون بياناً بهذا الشأن أطلقوا عليه عنوان “Democratic Resilience” أو مرونة الديمقراطية، حيث أكدوا في سياقه على الدور الذي يمكن أن يلعبه تعزيز صفة المرونة هذه في مواجهة قوى الاستبداد التي تهدد الديمقراطيات، سواء جاء التهديد من داخل المجتمعات الديمقراطية أو من الخارج وحول العالم.
يشير البيان بوضوح إلى الدور المؤثر الذي يلعبه المجتمع المدني ووسائل الإعلام المستقلة، ويضيئ على الوسائل التي تعتمدها مجموعة السبع لتعزيز الإجراءات اللازمة للاستجابة للتهديدات الخارجية المتزايدة المتعلقة بالتمويل غير المشروع والفساد والتأثير الأجنبي السلبي والقمع العابر للحدود. والأهم، وفي المقدمة، يدين هذا البيان الغزو الروسي لأوكرانيا باعتباره هجوماً سافراً على الديمقراطية.
لقد طرحت قمة الدول السبع على طاولة التداول والبحث خلال هذه الجولة، التحديات الكبرى التي تواجهها الديمقراطيات المستقرة أو الناشئة في القرن الحادي والعشرين، وفي مقدمتها التحديات التي تفرضها الصين على القوى العاملة من جهة، والأمن القومي لخصمها الديمقراطي من جهة أخرى.
فالدول السبع تمثل ما يقارب الـ 50% من مجمل الاقتصاد العالمي، وهو اقتصاد مُعزّز بالممارسات الديمقراطية التي تبتكر الحلول الناجعة للمطبات الاقتصادية حين تعترض مسيرة التنمية والتطوير واقتصاد السوق المفتوح.
ومن هذا المنطلق التزم القادة السبعة في اجتماعهم بنهج موحّد لمواجهة الممارسات الاقتصادية غير العادلة للصين؛ وبناء عليه ستستخدم هذه الدول بلسان واحد لغة غير مسبوقة تعترف من خلالها بحجم وخطورة الأضرارالتي تسببها التوجيهات الصناعية لجمهورية الصين الشعبية (PRC) من خلال محاولاتها لحرف الأسواق عن المسار الصحيح، وغياب الشفافية في التعاملات. بينما تلتزم هذه الدول بالتنسيق فيما بينها لمعالجة السياسات والممارسات المسممة لنسق السوق العالمي من خلال تعهدها بضمان الفرص للشركات والعاملين في آن.
كما كان التوجّه لتمكين التعاون في مجال التكنولوجيا السيبرانية والعمل مع الشركاء المقربين لتحقيق المساءلة وزيادة الاستقرار والأمن في الفضاء السيبراني، ودعم التشفير المقاوم بهدف ضمان إمكانية التشغيل الآمن بين أنظمة تكنولوجيا المعلومات والاتصالات وتعزيز النمو في الاقتصاد الرقمي،.من أهم ما ميّز تعهدات القادة السبعة في مخرجات قمتهم.
ولم ينسى المجتمعون أن يطرحوا القضايا الملحّة لحقوق الإنسان، وفي مقدمتها الانتهاكات التي مارستها روسيا للحق الإنساني من خلال غزوها الجديد لأوكرانيا، وكذا عمليات القمع والتنكيل التي تمارسها جمهورية الصين الشعبية في شينجيانغ والتبت، والصورة البشعة للانقلاب العسكري في بورما، والقمع المستمر للحريات الذي تمارسه حكومة طهران على شعبها.
من نافلة القول أن التحديات التي تفرضها الصين كانت قد احتلت أعلى سلّم أولويات سياسة الخارجية الأميركية منذ أن وصل الرئيس بايدن إلى البيت الأبيض. وقد توقّف عندها وزير الخارجية، أنطوني بلينكن، بإسهاب حين قال: “علاقتنا بالصين ستكون تنافسية عندما ينبغي أن تكون كذلك، وتعاونية عندما يلزم الأمر وعدوانية حين الحاجة. وسيكون العامل المشترك في التعامل مع الصين هو التعامل من موقع قوة”.
وقد وضعت إدارة بايدن آلياتها المناسبة بحيث تحتكم من خلاللها إلى العمل مع شركاء الولايات المتحدة وحلفائها لمواجهة أضداد الديمقراطيات التي تبثها سياسات بكين لأن تأثير التحالفات سيكون من الصعب تجاوزه من طرف الصين. وكان بلينكن قد أفاد في هذا الشأن بقوله “يتطلب الأمر منا الأخذ بالأساليب الدبلوماسية والتعامل مع المنظمات الدولية، لأننا عندما انسحبنا إلى الوراء، فإن الصين ملأت ذلك الفراغ”.