مؤشر الموقف الأميركي إثر الاعتداء على أبوظبي
هيئة تحرير وايتهاوس ان أرابيك
الاستماع للمقال صوتياً
|
إثر الاتصال الهاتفي الذي قام به وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن مخاطباً ولي عهد أبوظبي، محمد بن زايد، بشأن الهجوم الحوثي/الإيراني الإرهابي على الإمارات العربية المتحدة في 17 يناير الجاري، أصدر البنتاغون بياناً رسمياً باسم الوزير أوستن وقيادات وزارة الدفاع الأميركية، أدان الهجوم الإرهابي الذي أدى إلى مقتل ثلاثة مدنيين أبرياء واستهداف البنية التحتية المدنية لأبوظبي.
وخاطب أوستن دولة الإمارات بالقول: “نحن سنظل ملتزمين بأمن دولة الإمارات وقدرتها على الدفاع عن نفسها، وكذا الوقوف متحدين مع شركائنا الإماراتيين في الدفاع ضد كافة التهديدات التي تتعرض لها أراضيهم”.
أما رأس الدبلوماسية الأميركية ووزير خارجيتها، أنتوني بلينكن، فقد كان افتتح عهده في المنصب بتصريح لافت قال: “سأعمل على إعادة النظر وتقييم إدراج الحوثيين منظمة إرهابية بقرار من الرئيس السابق ترامب”. وبالفعل أسرعت إدارة بايدن إلى رفع جماعة “أنصار الله” الحوثية في اليمن من قائمة الجماعات الإرهابية الأجنبية في الشهر الأول من وصولها إلى البيت الأبيض. فهل أخطأ بلينكن أو تسرّع في قراره ذاك وهل سيعود عنه قريباً؟. الجواب سيكون مبنياً في المستقبل القريب على تطور الموقف في الإمارات والسعودية إثر الاعتداءات المتواصلة على مدنييهم ومنشآتهم مباشرة من قبل جماعة الحوثيين المدعومة إيرانياً بالسلاح والعقيدة القتالية؛ تلك الاعتداءات التي يعود سببها إلى رغبة طهران في الضغط على الأطراف المعنية من أجل تحقيق مكاسب إضافية في مفاوضاتها النووية.
في هذه الظروف المعقدة، وتلافياً لاستعال حرب حقيقية في منطقة بالغة الحساسية والاستراتيجية أيضاً، لعله من المفيد أن تتحرّك إدارة بايدن في سعيها لإيجاد الحلول المجدية لمعضلة اليمن عبر محورين:
المحور الأول هو متابعة الضغط على إيران بهدف تجفيف منابع دعم جماعة أنصار الشريعة بالعتاد والخبراء، وكذا دفع طهران للتوقيع على اتفاق متطوّر بشروط متقدمة عن سابقتها في اتفاق العام 2015 الذي انسحبت منه إدارة ترامب في العام 2018، حيث يكون بإمكان الاتفاق الجديد أن يكفّ يدها ويلجم نزعتها المتواصلة لإنتاج أسلحتها النووية، وكذا يعرقل إصرارها في المضي بتمويل الميليشيات العابرة للحدود من أمثال الحوثيين وحزب الله اللبناني بمشتقاته في العراق وسوريا.
ستكون الفرصة متاحة لإدارة بايدن لتصحيح أخطاء الماضي، وتجنّب المزيد من زعزعة الاستقرار في المنطقة، وإنهاء الكارثة الإنسانية غير المسبوقة في اليمن والمرافقة للحروب المتّصلة التي لم ينتصر فيها أي طرف من الأطراف المتناحرة حتى اليوم. ويجب أن لا يخفى على واشنطن ضرورة إشراك المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة كطرف أساس في أي اتفاق نووي جديد مع إيران بما يضمن التوازن السياسي في المجموعة الجديدة ما بعد مجموعة 5 + 1.
المحور الثاني يتمثّل بضرورة الإسراع في قطع الطريق على أسباب ومحرّضات الصراع في اليمن ومعوقات السلام هناك للوصول إلى هدنة دائمة وشاملة؛ فهذه الحرب الشعواء إذا ما استمرت، ستشكّل خطراً داهماً على دول الخليج دونما استثناء، وستجرّ الولايات المتحدة إلى ظروف حريق إقليمي في منطقة لها من الخصوصية الجيوسياسية ما بإمكانه أن يهدّد أمنها القومي في عقر دارها.
هنا يتقدّم دور الخارجية الأميركية لتهيئة أرضية مناسبة تقف عليها اتفاقية سلام نهائية ستشمل بالتأكيد اتفاق الوقف الفوري لاعتداءات الميليشيات على أراضي الجوار وصولاً إلى حلّ هذه الميليشيات تمهيداً لانخراطها في الحياة السياسية المدنية، مع وجوب إشراك أبوظبي والرياض في اتفاقات الأمن البحري الموسعة لمضيق هرمز وباب المندب حيث تكمن مصالحهما المشتركة التي تمر عبر أرض اليمن نحو سواحلهم.
تتعرض المملكة العربية السعودية باستمرار لهجمات صاروخية تطال المدنيين على أراضيها مصدرها ومدبرها إيران، أما آلتها فالميليشيات الحوثية، والقيادة السعودية الحريصة على أمن مواطنيها وسكانها عازمة على إنهاء هذه الاعتداءات عسكرياً أو سياسياً. أما الإمارات العربية المتحدة فتملك القدرات العسكرية الهائلة للدفاع عن سيادتها وأهلها، وكذا لديها ما يلزم من الثقل والتأثير السياسي والدبلوماسي على مجريات الصراع ومقوّمات التوازن للقوى الفاعلة والمؤثرة في المنطقة.