آلية إدخال المساعدات.. البقاعي تنتقد روسيا والأمم المتحدة
بقلم مرح البقاعي - نقلاً عن وكالة أنباء هاوار
الاستماع للمقال صوتياً
|
من المفروض أن يناقش مجلس الأمن، اليوم، مصير آلية إدخال المساعدات إلى سوريا، إذ أكدت المستشارة في السياسات الدولية بواشنطن، مرح البقاعي، أن منع روسيا إدخال المساعدات عبر معبر تل كوجر/ اليعربية هدفه “الضغط على واشنطن والاستفراد بسوريا”، بينما حذرت ممثلة مسد في واشنطن من خطورة استخدام الملف الإنساني كورقة ضغط سياسية.
مدد مجلس الأمن الدولي في 9 تموز/ يوليو 2021، آلية دخول المساعدات إلى سوريا عن طريق معبر باب الهوى الذي يسيطر عليه مرتزقة هيئة تحرير الشام (جبهة النصرة سابقاً والمصنفة على لائحة الإرهاب الدولي) لمدة ستة أشهر، مع إبقاء معبر تل كوجر/ اليعربية، مغلقاً أمام المساعدات، بعد رضوخ الأمم المتحدة والقوى الغربية للضغط الروسي.
وتنتهي هذه المدة في الـ 10 من شهر كانون الثاني/ يناير الجاري، ومن المفترض أن يعقد مجلس الأمن الدولي جلسة قبل يوم من انتهاء هذه المدة أي في 9 الشهر الجاري لمناقشة تمديد آلية إدخال المساعدات أو عدم تمديها أو التعديل عليها.
وقبل التمديد الماضي لآلية إدخال المساعدات، رضخت إيرلندا والنرويج للموقف الروسي وقامتا بتغيير مشروع القرار الذي قدمته سابقاً لمجلس الأمن حول إدخال المساعدات إلى سوريا.
وفي صيغته الأساسية كان مشروع القرار ينصّ على أمرين هما: تمديد العمل لمدة سنة بآلية إدخال المساعدات العابرة للحدود إلى سوريا من منفذ باب الهوى (شمال غرب) الحدودي مع تركيا، وتوسيع نطاق هذه الآلية بحيث تشمل أيضاً معبر تل كوجر/ اليعربية الحدودي مع العراق، كما كان عليه الوضع في الماضي.
وبعد الرضوخ غيرت إيرلندا والنرويج مشروع القرار، حيث تخلتا عن مطلب إعادة افتتاح معبر تل كوجر، وأبقتا فقط على معبر باب الهوى الذي تدخل منه المساعدات إلى المناطق الخاضعة لسيطرة مرتزقة هيئة تحرير الشام (جبهة النصرة سابقاً والمصنفة على لائحة الإرهاب الدولي).
المساعدات حق للجميع
المستشارة في السياسات الدولية بواشنطن، مرح البقاعي، تحدثت في هذا السياق لوكالتنا، قائلة: “يجب أن تكون كل المعابر مفتوحة وتستطيع الأمم المتحدة إدخال المساعدات اللازمة منها إلى الشعب السوري أين ما وجد، وفي أي منطقة سواء كانت تحت سيطرة النظام أو تحت سيطرة المعارضة وهذا شيء طبيعي، الغريب والاستثناء هو ألا يكون أحد المعابر مفتوحاً وهذه مشكلة كبيرة نواجهها مع الأمم المتحدة”.
وحول دور الأمم المتحدة، قالت مرح البقاعي: “يجب أن تضغط بشكل كبير لأن تكون كل هذه المعابر مفتوحة؛ لأننا كلنا نعرف أن المساعدات التي تدخل عن طريق النظام لا تذهب إلى كل المحتاجين بل توزع بشكل اصطفائي وبشكل كيدي أحياناً”.
وأضافت: “يجب أن تفتح كل المعابر بما فيها معبر اليعربية حتى يتيسر للشعب السوري أن يتلقى المساعدات الإنسانية التي هي حق طبيعي له في ظروفه الحالية، لا سيما في ظروف كورونا”.
وفي عام 2014، أقر مجلس الأمن عملية نقل المساعدات عبر الحدود لأول مرة، كانت تتضمن أيضاً الدخول من الأردن والعراق. فيما توقف نقل المساعدات عبر البلدين في كانون الثاني/يناير 2020، بسبب استخدام روسيا والصين حق الفيتو في مجلس الأمن أمام دخول المساعدات الأممية عبر هذين البلدين.
وأكدت مرح البقاعي أنه “لا فرق بين شمال شرق وشمال غرب حين يكون الأمر متعلقاً بالإنسان وحقه الطبيعي بالمساعدات اللازمة والضرورية في هذا الوقت، كلهم سوريون، الأرض سورية ويجب أن تصل المساعدات في زمنها وإلى كل مكان يحتاج إليها”.
ولكن رغم ذلك، تمنع روسيا نقل المساعدات عبر معبر تل كوجر/ اليعربية الحدودي ما بين مناطق الإدارة الذاتية والعراق، في حين تسمح بدخول المساعدات عبر معبر باب الهوى الذي تسيطر عليه مجموعات مصنفة على لائحة الإرهاب الدولي.
أخطار كثيرة لعدم دخول المساعدات إلى شمال وشرق سوريا
وانعكس إغلاق معبر تل كوجر/ اليعربية سلباً على 5 مليون سوري في شمال وشرق سوريا التي تضم قرابة المليون نازح ولاجئ من المناطق السورية الأخرى، ناهيك عن مئات الآلاف من مرتزقة داعش وأفراد أسرهم التي تتكفل الإدارة الذاتية برعايتهم.
وحول الأخطار التي قد تنجم عن استمرار عدم إدخال المساعدات إلى شمال وشرق سوريا عبر معبر تل كوجر/ اليعربية، قالت المستشارة في السياسات الدولية بواشنطن مرح البقاعي: “هناك أخطار كثيرة، الخطر الأول هو وباء كورونا وهو خطر عالمي حتى في المناطق التي تتوفر فيها كل أنواع العناية الصحية والتباعد الاجتماعي واللقاح فكيف الحال في مناطق النزاع والحروب حيث لا تتوفر هذه الشروط بشكل جيد وشروط التعقيم والتباعد الاجتماعي كلها غير متوفرة بشكل جيد وهذا ما يزيد سوء الوضع الصحي ويفاقم انتشار الوباء”.
وأوضحت أن “موضوع وباء كوفيد ١٩هو شيء خطير جداً ومن المهم جداً أن تصل المساعدات التي تحتوي على مساعدات أولية طبية لهذا الشأن، المخيمات تعاني أيضاً من الحصار وتعاني من الحاجة إلى مواد للتدفئة في فصل الشتاء وهذا الشيء مقلق جداً لنا ولأهلنا الموجودين هناك”.
ضغط روسي عبر المساعدات للاستفراد بسوريا
وحول استخدام روسيا للفيتو ضد افتتاح معبر اليعربية، قالت مرح البقاعي: “ليس جديداً على روسيا التي تدك بيوت السوريين المدنيين فوق رؤوسهم بالطائرات، وتعين النظام على استعمال كل أنواع الاسلحة المحرمة من أجل قتل المدنيين واستهدافهم وليس غريباً عليها أن تمنع المساعدات. هذا شيء يسير جداً أمام حجم القتل والتدمير الذي مارسته ضد الشعب السوري من المدنيين العزل”.
أما عن أهداف روسيا من ذلك، فقالت مرح البقاعي: “الهدف السياسي هو الضغط على الولايات المتحدة الأميركية تحديداً، نحن نعرف أنه كان هناك زيارات متوالية للمسؤولين الأميركيين منهم السيدة ليندا توماس غرينفيلد، ممثلة الولايات المتحدة في الأمم المتحدة إلى المعابر الموجودة مع الحدود التركية وأرسلوا رسالة من هناك للعالم أن هذه المعابر يجب أن تبقى مفتوحة بما فيها معبر اليعربية”.
وأضافت: “معبر اليعربية ليس استثناء، أهلنا هناك في هذه المناطق بحاجة إلى معبر مفتوح تدخل منه المساعدات، طبعاً روسيا تريد أن تضغط على الولايات المتحدة الأميركية لمزيد من التنازلات، لا سيما أن هناك مفاوضات قريبة في جنيف بين الطرفين”.
وأوضحت مرح البقاعي أن “تناقض روسيا هو جزء من خطة طويلة المدى للسيطرة على المقدرات واتجاه الأمور سياسياً في سوريا، هي لا تستطيع أن تتحرك بحرية بوجود الولايات المتحدة، تريد أن تكون أميركا خارج الصورة ويقلقها جداً وجودها في شرق الفرات ودعمها للشركاء الكرد الذين حاربوا معها ضد داعش وانتصروا معاً ضد داعش”.
وترى مرح البقاعي أن روسيا “تريد أن تستفرد بسوريا وحتى حلفاءها تركيا وإيران يشكلون لها هاجساً؛ لأنها تريد أن تكون الوحيدة القادرة على الاستفراد بالقرار السياسي وإدارة البلاد واستثمار خيرات البلاد وإقامة المشاريع التي تريدها خلال مرحلة إعادة الاعمار والاستثمار لوحدها، حيث لا تريد منافساً لها، هذا هو السبب الرئيس للتناقضات الروسية في القرارات وتعنتها واستعمالها الفيتو في مجلس الأمن، تريد سيطرة كاملة على سوريا وطبعاً بشار الأسد بضعفه وقلة حنكته وغدره للشعب السوري ولسوريا مكنها ويمكنها كل يوم من ذلك”.
وصمة عار في تاريخ الأمم المتحدة
ويظهر تخلي الأمم المتحدة عن افتتاح معبر تل كوجر/ اليعربية أمام دخول المساعدات، عن مدى عجز الأمم المتحدة ورضوخها لمصالح القوى العظمى وابتعادها عن الأهداف التي تقول إنها تشكلت من أجلها، وكيف أنها تحولت إلى منصة من أجل شرعنة سيطرة القوى العظمى على الشعوب.
ووجهت مرح البقاعي رسالة إلى الأمم المتحدة، وقالت: “يكفي تعطيلاً، يكفي أن الأمم المتحدة غير قادرة على إيجاد آليات لتنفيذ القرار ٢٢٥٤، وهذه وصمة عار في تاريخ الأمم المتحدة. قرار كان عليه اجماع حتى من قبل روسيا التي شاركت في الحرب ضد سوريا، الأمم المتحدة لم تستطع أن تجد الآليات لتنفيذ هذا القرار. فيكفي تخاذل من قبل الامم المتحدة، ويكفي تقاعس عن إيجاد حلول لسوريا”.
وأكدت أن “أضعف الايمان يجب أن تضغط باتجاه فتح كل المعابر وإدخال مساعدات إسعافية، هناك حالة طوارئ صحية في الشمال السوري شرقاً وغرباً، وهناك حالة أيضاً مرافقة لفصل الشتاء وحاجة لمواد التدفئة والأطعمة اللازمة؛ لأن الطعام حين يصلهم في الوقت المناسب يساعد في حمايتهم من الوباء، ولأن ضعف التغذية يؤدي إلى انتشار الوباء أكثر وأن يكون الجسم غير مقاوم لهذا الوباء، الأمم المتحدة يجب أن تتحرك فوراً لفتح كل المعابر وإيصال المساعدات في الوقت المناسب لكل السوريين ودون استثناء”.
ممثلة مسد في واشنطن: الملف الإنساني يستخدم كورقة سياسية
ممثلة مجلس سوريا الديمقراطية في العاصمة الأميركية واشنطن، سينم محمد، تحدثت في هذا السياق أيضاً لوكالتنا، وقالت: “نحن على أعتاب جلسات أخرى لمجلس الأمن لمناقشة آلية إدخال المساعدات الإنسانية إلى سوريا، قرار افتتاح معبر باب الهوى فقط كان عبر توافق روسي – أميركي”.
وقيّمت سينم محمد، الأوضاع في المنطقة، قائلة: “ما تشهده المناطق في سوريا من فقر وتزايد أعداد النازحين في مناطق شمال وشرق سوريا، بالإضافة إلى العشرات من مخيمات النزوح ومخيمات لأسر الدواعش، تفرض حاجة ماسة إلى إدخال المساعدات إلى المنطقة في ظل انتشار وباء كورونا وفي ظل العقوبات والحصار على المنطقة، خاصة بعد إغلاق معبر تل كوجر/ اليعربية وقطع المساعدات الدولية التي كانت تدخل المنطقة”.
وحول التمديد الماضي، قالت ممثلة مسد: “إن التفويض بفتح معبر باب الهوى فقط وإغفال معبر تل كوجر/ اليعربية يؤدي إلى معاناة خمس ملايين سوري يعيشون في شمال وشرق سوريا، هذه المعابر ضرورية للتخفيف من أزمة الفقر والمعاناة في المنطقة”.
وانتقدت سينم محمد، استخدام الملف الإنساني كورقة سياسية وقالت: “يبدو أن المعابر الإنسانية باتت تستخدم كورقة ضغط سياسي في الملف السوري، لذلك من الضروري ألا يتم استغلال حاجة وفقر وعوز السوريين في الملفات السياسية؛ لذلك يجب تحييدها عن السياسة”.
وقالت سينم محمد: “كما تم تفويض إدخال المساعدات عبر باب الهوى نطالب بفتح معبر اليعربية أسوةً بالمناطق الأخرى، ونطالب أن تدخل المساعدات للأراضي السورية سواء كانت تحت سيطرة النظام أو خارج سيطرته وذلك عبر معبر اليعربية لإنقاذ ملايين النازحين في مخيماتهم في ظل ظروف قاسية”.
‘نطالب بقرار صائب والانتباه لخطر المخيمات ومراكز احتجاز الدواعش’
ووجهت ممثلة مسد، رسالة إلى المجتمع الدولي، وقالت: “نطلب من المجتمع الدولي أن ينظر إلى هذا الملف بشكل انساني وأن يتم اتخاذ القرار الصائب لإنقاذ أرواح السوريين من البرد والفقر وذلك عبر فتح معبر اليعربية وألا ننسى أن خطر مخيمات ومراكز احتجاز آلاف الدواعش يشكل خطراً مستمراً على المنطقة والسكان فيها”.
واختتمت ممثلة مسد في واشنطن، سينم محمد حديثها قائلة: “أصبح هذا الملف يستخدم كورقة سياسية تارة لتلبية طلبات أو تنازلات وتارة للوصول لتوافقات سياسية في الملف السوري”.
ANHA