الجهود السعودية الحثيثة لإنهاء الحرب على غزة
WHIA- Arab News
بقلم فيصل الشمري
تبذل المملكة العربية السعودية جهودا سياسية حثيثة لمساعدة الشعب الفلسطيني على استعادة حقوقه، وهي لم تزل المؤيد الرئيس لإقامة دولة فلسطينية عاصمتها القدس الشرقية، وقد دعمت بلا كلل عملية السلام.
دافعت المملكة العربية السعودية عن الفلسطينيين ضد الحرب الوحشية التي تشنها إسرائيل على غزة. ويأتي انخراط المملكة في قضايا الشرق الأوسط ليركز على خدف أساس وهو إنهاء الصراع وتحقيق الاستقرار في هذا الجزء الحيوي من العالم، حيث يعمل الملك سلمان وولي العهد الأمير محمد بن سلمان جاهدين لوقف الحرب الإسرائيلية على غزة ومواطنيها الفلسطينيين.
جاءت أحداث 7 أكتوبر بمثابة تغيير في قواعد اللعبة منذ أن انطلق العنان للعدوان الإسرائيلي على الفلسطينيين. وحافظت المملكة العربية السعودية على الرد بشكل سلمي وسياسي بما يتناسب مع العنف الإسرائيلي. وكان تنظيم وعقد القمة الإسلامية العربية المشتركة في الرياض يوم 11 تشرين الثاني (نوفمبر) خطوة دبلوماسية هامة خططت لها المملكة العربية السعودية، وأطلقت مبادرة لإنهاء حرب إسرائيل في غزة، بالتوازي مع حملة جاءت الأكثر منهجية وتفصيلاً لفضح جرائم إسرائيل ضد الفلسطينيين.
هناك تاريخ عميق للمملكة العربية السعودية في مناصرة القضية الفلسطينية. ففي وقت مبكر، نددت برد الفعل الإسرائيلي ضد السلطة الفلسطينية ومعارضة أرييل شارون لعملية أوسلو للسلام، وخلقه لأجواء سياسية جديدة داخل إسرائيل، والتي بلغت ذروتها باغتيال رئيس الوزراء آنذاك إسحاق رابين في نوفمبر 1995. كما تنبهت المملكة وـأدانت باستمرار دور إسرائيل في محاولاتها اليائسة لتفكيك السلطة الفلسطينية. واتهمت السعودية إسرائيل باستغلال أي عمل هجومي كذريعة لقتل المزيد من الفلسطينيين والاستيلاء على أراضيهم. وحددت المملكة موقفها بأنها لن تقدم أي تنازلات مقابل السلام.
من ناحية أخرى، انتقدت المملكة مرات عديدة غياب استراتيجية أمريكية متوازنة، وكذا الإرادة السياسية لمناصرة الفلسطينيين ومساعدتهم على تحقيق السلام مع إسرائيل. ولهذا السبب تشير الدبلوماسية السعودية إلى أن دعم إدارة بايدن المطلق لحرب إسرائيل ضد غزة إنما هو حقيقة مروعة وسياسة مزدوجة المعايير لن يتسامح معها العالم.
الدبلوماسية السعودية تؤكد باستمرار أنه من الخطأ التركيز فقط على وقف قصير لإطلاق النار، ما سيؤدي إلى استمرار الوضع الراهن المتمثل في القصف المكثف للمدنيين في غزة، وتوضح للعالم أن إسرائيل لا تريد وقف المذبحة في غزة، أو تقديم الوعود اللازمة للفلسطينيين بعدم غزو غزة والضفة الغربية مرة أخرى.
ولهذا السبب، عززت القمة الإسلامية العربية المشتركة غير العادية في الرياض، برئاسة ولي العهد، الإعلان بأن الحرب في غزة يجب أن تنتهي فوراً. وأكد الأمير محمد بن سلمان في كلمته “الإدانة والرفض القاطع لهذه الحرب الهمجية ضد إخواننا في فلسطين”. وأضاف: “نحن أمام كارثة إنسانية تثبت فشل مجلس الأمن والمجتمع الدولي في وضع حد للانتهاكات الإسرائيلية الصارخة للقوانين الدولية”. ومن بين قرارات قمة الرياض دعوة المحكمة الجنائية الدولية إلى إجراء تحقيقات في “جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية التي ترتكبها إسرائيل”.
وقد جاءت قمة الرياض انطلاقة تاريخية فريدة من نوعها لتأكيد حقق العرب والمسلمين في حماية أشقائهم الفلسطينيين.
ومن الناحية الأخلاقية، تحاول السعودية أن تخبر العالم بالمأساة التي يعيشها الفلسطينيون على أيدي الإسرائيليين. ومن منظور استراتيجي، تسعى المملكة جاهدة لمنع ومعالجة حالات عدم الاستقرار الكارثية في الشرق الأوسط.
من الجدير بالذكر أن أميركا ستكون أكثر عزلة في حربها ضد الإرهاب لأن الولايات المتحدة تتغاضى عن الإرهاب الإسرائيلي ضد الفلسطينيين.
هذا ولا تدخر السعودية جهدا في سبيل إرساء إجماع استراتيجي دولي للاتفاق على إنهاء الحرب في غزة. وكان من أوائل مظاهر نجاحها زيارة وفد من قمة الرياض إلى الصين، حيث قال وزير الخارجية الصيني وانغ يي: “إن الصين صديق جيد وشقيق للدول العربية والإسلامية. لقد حرصنا دائمًا على حماية الحقوق والمصالح المشروعة للدول العربية والإسلامية، ودعمنا دائمًا بقوة القضية العادلة للشعب الفلسطيني”.
والأهم من ذلك أن خطاب ولي العهد الأمير محمد بن سلمان في قمة البريكس قبل أيام أظهر الحكمة القصوى للسياسة الخارجية السعودية، وأوضح أنه “لا سبيل لتحقيق الأمن والاستقرار في فلسطين إلا من خلال تنفيذ القرارات الدولية المتعلقة بحل الدولتين”. كما حدد حدود الدولة الفلسطينية على أنها تلتزم بخطوط ما قبل يونيو/حزيران 1967، ووصف حرب إسرائيل في غزة بأنها “جرائم وحشية”. وناشد العالم وقف تصدير الأسلحة إلى إسرائيل.
هذا النوع من التعبئة العالمية لإنقاذ حياة الفلسطينيين يوضح ثوابت المهمة الإيجابية للمملكة في سياستها الخارجية، وأن أولياتها تكمن في صنع السلام في العالم والشرق الأوسط. وعليه، فإن العالم يتوقع المزيد من السعودية وقادتها.
وفي غياب العدالة في السياسات العالمية، تستطيع المملكة العربية السعودية أن تذكر بالحاجة إلى الأخلاق والمسؤولية في العلاقات الدولية.